«يلا بينا تعالوا نسيب اليوم فى حاله، وكل واحد مننا يركب حصان خياله» بروح الشاب السكندرى كان ظهور محمود عبدالعزيز فى السينما، بملامحه الوسيمة التى يعرف أثرها جيدا فى قلوب البنات الرقيقات، وبخفة ظل صاحبته طوال حياته استطاع أن يلفت الانتباه إليه منذ البداية، فلن تستطيع عين المشاهد أن تتجاهل هذه الملامح المريحة التى خلقت لتوضع على غلاف مجلة فنية شهيرة، وبحس الشاب المعجبانى عرف محمود عبدالعزيز ذلك ولم ينكره، لكنه سعى طوال الوقت للخروج من إطار «الواد الحليوة»، ونجح.
أدرك محمود عبدالعزيز أن النجم الذى يعتمد على صورته فقط، لن تتجاوز حياته الفنية عشر سنوات ثم ينحصر فى دور ثالث أو كومبارس بصفته خطيبا سابقا للبطلة، لذا سعى للتنوع بشكل مختلف جدا، ويحسب له بشكل كبير أنه لم يخش دور عدو الجمهور كما فى فيلم «البرىء» مع أحمد زكى فى شخصية الضابط، أو دور الخائن فى «إعدام ميت».
كذلك يحسب له بقوة دوره فى ثلاثية رأفت الهجان، التى تحولت إلى ملحمة يجتمع المصريون والعرب حولها لمتابعة مغامرات البطل المصرى الذى استطاع أن يخدع العدو سنوات طويلة، ولعل المفارقة تكمن عندما نرى صورة الشخصية الحقيقية «رفعت الجمال» بطل هذه الملحمة، نشعر معها بالغرابة ولا نصدق غير أن البطل يشبه محمود عبدالعزيز فى كل شىء، حتى فى موسيقى عمار الشريعى التى تصاحبه دائما.
بعد ذلك قدم محمود عبدالعزيز مع داود عبدالسيد أسطورته الخالدة «الكيت كات» المأخوذة عن رواية «مالك الحزين» للكاتب الكبير إبراهيم أصلان، وفيها استطاع بشخصية الشيخ حسنى الأعمى الذى يبصر كل شىء أن يكمل بناء مجده الفنى، حيث تحول الشيخ حسنى عند الجميع إلى فكرة عن الرجل الذى لا يعترف بواقعه وأصبح يحمل إسقاطا على أشياء كثيرة فى المجتمع وتحولت تعليقاته وحالته ورؤيته لزمنه لقاموس مجتمعى يساعد فى فهم التحولات المجتمعية فى مصر. أما فيلم «سوق المتعة»، الذى قدمه مع وحيد حامد، فمن خلاله سيظل محمود عبدالعزيز يثير الخوف من ضياع كل شىء ومن تحولنا لمجموعة من الأسرى للأشياء ومن فقدنا لمتع الحياة البسيطة والسهلة المتاحة ومن مرور العمر دون فائدة.
رحم الله محمود عبدالعزيز، فقد ظل حتى رحيله قادرا على الاحتفاظ بنجوميته وحضوره القوى، ورؤيته القائمة على أن الفن وجد ليضفى جمالا على الحياة، هذا الجمال ربما يكون ساكنا فى ابتسامة صغيرة أو فى ركوب «الفيسبا».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة