فى الوقت الذى تستعد فيه الأحزاب اليمينية للصعود فى العديد من الدول، مستغلة الفوز المفاجئ الذى حققه الملياردير الجمهورى دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية، وإطاحته بمنافسته هيلارى كلينتون رغم رصيدها وخبراتها السياسية، تسير المؤشرات داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية فى اتجاه معاكس، أمام غياب النجوم فى معسكر الصقور داخل طهران، ما يعزز من فوز الرئيس الإصلاحى حسن روحانى بولاية ثانية.
وفيما تقترب مارين لوبان وبوريس جونسون وبيبى جريلو من تولى وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا فى انتخابات رئاسية مقررة السنوات المقبلة، يبدو أن صعود اليمن المتشدد الممثل فى تيار المحافظين داخل إيران، سيتم تأجيله على الأقل 4 سنوات تالية، وعدم المنافسة بقوة فى الانتخابات المقبلة المقرر إجراءها يونيو 2017.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية فى إيران، ينبئ المشهد بسباق انتخابى خال من المنافسة فى ظل غياب شخصية محافظة "قوية" تنتمى للمعسكر الأصولى، يمكنها نزول ميدان الصناديق أمام الرئيس المعتدل حسن روحانى والذى يحظى بإجماع إصلاحى كبير بين كافة كوادر معسكره، ويعد شخصية تلقى قبولا جماهيريا عريضا فى الداخل ووجه مقبول فى الخارج، لاسيما بعد أن فقد التيار المحافظ "نجمه" الأكبر بعد أن عدل الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد عن فكرة الترشح للانتخابات بتوصية من المرشد الأعلى على خامنئى.
وتعد نصيحة المرشد للرئيس الإيرانى السابق خطوة يمنح بها خامنئى التيار المحافظ المزيد من الوقت لإعادة ترتيب أوراقه، خاصة أنه فقد فى الانتخابات التشريعية السابقة مناصب كوادره البارزة فى مجلس صيانة الدستور والبرلمان، إذ يحتاج 4 سنوات أخرى لإعادة تأهيل كوادره، والبحث عن شخصية جديدة تلقى قبولا جماهيريا داخل إيران فى المستقبل.
وفى حال إقدام تيار الإصلاحيين على الدفع بـ"فارسه الجديد" وزير الخارجية الإيرانى ومهندس الاتفاق النووى جواد ظريف، فى انتخابات 2021 والذى رفض فكرة الترشح هذه الانتخابات أمام روحانى، عندئذا يحتاج المحافظين إلى مرشح قوى يستطيع أن ينافس ظريف ذو الشعبية الطاغية فى الداخل والذى يعد كذلك وجه مقبول فى الخارج لدرجة دفعت وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى إلى التغزل فيه أثناء استلام إحدى جوائز المؤسسات البريطانية.
وقبل 7 أشهر من الانتخابات الرئاسية، لا يقر التيار المحافظ فى إيران بافتقاده للشخصيات البارزة التى تلقى شعبية فى الداخل ويبحث بهدوء داخل كوادره عن شخصيات لم تذق طعم الخسارة فى الانتخابات وفى الوقت نفسه قوية بقدر كافى ليلتف حولها ويساندها، لكن طرح خيارات لمرشحين محتملين، من بينهم محمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران، وعزت الله ضرغامى رئيس التلفزيون السابق، وغلام حسين الهام متحدث حكومة نجاد، واللواء رستم قاسمى وزير النفط السابق والمسئول السابق عن وحدة خاتم الأنبياء التابعة للحرس الثورى. لكن مؤشرات تتحدث عن نية هذا التيار للاصطفاف خلف قاليباف رغم خسارته أمام روحانى فى انتخابات 2013، إلا أنه يرونه أقوى الضعفاء كونه احتل المركز الثانى فى تلك الانتخابات، والرابع فى الانتخابات الرئاسية عام 2005.
ولم يغير صعود ترامب فى الولايات المتحدة الأمريكية حسابات مرشح التيارين المتنافسين داخل إيران، للتعامل مع سياساته المناهضة لطهران، إذا أن الرئيس الإيرانى القادم سواء كان اصلاحيا أو محافظا لن يتمكن من تغيير هيكل سياسات النظام كونه سلطة تنفيذية، تخضع لسلطة الولى الفقيه (المرشد الأعلى) المتحكم فى الخطوط العريضة فى السياسة الخارجية. لكن التوقعات تشير إلى صدام محتمل بين الرئيس المقبل وترامب الغاضب من الاتفاق النووى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة