محمد حبوشه

الثعالب الصغيرة تسعى لإرباك المشهد السياسى

الجمعة، 18 نوفمبر 2016 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس ذلك بغريب على شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يعى جيدا تلك الألعاب الصبيانية التى تقوم بها بعض الثعالب الصغيرة وهى تحاول أن تعبث بالمشهد السياسى للبلاد الآن، من خلال إحداث حالة من الإرباك تحت ضغوط وممارسات لوبى جديد مكون من شخصيات قضائية سابقة، وبعض رجال أعمال مبارك الذين يضخون الملايين لدعم فئات وجماعات بعينها تسعى لكسر إرادة الدولة، فى محاولة للخروج ببعض القرارات الاقتصادية التى تنحاز لهم، وترسخ لاحتكار السياسة كسلعة استراتيجية إلى جانب البيزنس.
 
ومن ثم فهم يسعون سعيا حثيثا من خلال استغلال بعض نواب البرلمان من المتعاطفين معهم أو المناصرين لهم داخل المجلس وخارجه، وبعض السياسين والإعلاميين ممن تروق لهم لعبة تكسير عظام الدولة، طالما أنها أقصتهم جانبا جراء أفعالهم المستفزة لمشاعر الجماهير، فقرروا أن يخرجوا من تحت مظلتها طوعا وفى لحظة حرجة ليقوموا الآن بتصدير الإحباط واليأس للشعب المصرى، والنفخ فى نار الأزمة الاقتصادية، فلا يكاد ينتهى البعض منهم من صب النار على الزيت فى أزمة الأرز والسكر مرورا بتعويم الجنيه وارتفاع أسعار البزنين، إلا وينخرط مجددا فى افتعال أزمة جديدة مثل: ارتفاع أسعار الدواء التى ظلت تلوكها ألسنتهم فى تحد مقيت طوال 48 ساعة قبل كتابة هذه السطور .
 
لم يكن قرار الرئيس السيسى باستيراد أدوية بما قيمته 186 مليون دولار صادما لتلك الثعالب الصغيرة فحسب، بل كان قرارا حكيما يعكس فهمه لطبيعة المرحلة، وكان أيضا كفيلا بغلق باب الشائعات التى فتحت على مصراعيها، متزامنة مع استغلال بعض أحكام محكمة النقض الصادرة ببراءة بعض قيادات الإخوان، وإعادة فتح محاكمات المعزول "مرسى ومرشده" من جديد، فضلا عن استغلال أحكام البراءة لنجلى مبارك فى إيحاء مريب بأن الدولة تقوم حاليا بعمل مواءمة سياسية مع رجال مبارك، الأمر الذى رأى فيه إخوان الشيطان الفرصة سانحة - بعد فشل الحشد فى 11/11 الماضى وانهيار سقف طموحاتهم - فى استغلال الظروف السياسية ببث شائعات تثير البلبلة لخدمة مصالحهم فى اتجاه الإيهام بحالة الارتباك، وضعف الدولة فى مواجهة الشارع المحتقن على صخرة الأزمة الاقتصادية الحادة، التى تظل تداعب خيالهم وخيال تلك الثعالب الصغيرة فى تزامن لحظى أظنه لن يدوم طويلا أمام إرادة الشعب المصرى الذى يعى الدرس جيدا.
 
هنالك أطراف تبدو فى ظاهرها متناقضة مثل "الإخوان - رجال أعمال مبارك - الطابور الخامس"، لكنها فى واقع الأمر تجمعها مصالح مشتركة وروح تواقة للتآمر طوال الوقت، تسعى فى المقام الأول والأخير لتكسير جهود الدولة فى الإصلاح، وإضعاف شوكة الرئيس فى القضاء على الفساد الذى أصبح شبحا لا يقل فى شروره عن الإرهاب، وذلك بالالتفاف حول أحكام القضاء، ومحاولات تمرير القوانين التى ترسخ للاحتكار، ولأجل تحقيق تلك الأهداف المريبة يسعى بعض من خروجوا مناصبهم على أثر فشلهم إدرايا وسياسيا فى تكوين لوبى جديد يسعى للتشكيك وتصدير الإحباط مستغلين جماعات مثل " آسفين ياريس - الاشتراكيين الثوريين".
 
يقوم بعض أنصار الأولى حاليا، وعلى غرار حملة تمرد، بطبع آلاف من النسخ لمنشور يحمل عنوان "حملة تكريم الرئيس مبارك" فى إطار حملة توقيع كبيرة تطالب بتكريم الرئيس السابق، جراء تاريخه العسكرى وكواحد من أبطال أكتوبر، ولأجل الأمان الذى حققه لأكثر من 62 سنة للشعب المصرى الحفاظ على هيبة مصر طوال 30 عاما بحب وصفهم، عازفين على وترى أننا شعب أصيل ليس ناكرا للجميل، لكن قراءة متأنية للمنشور – الذى كتب بطريقة ركيكة وطباعة رديئة - سوف تقودك لهدف بعيد المدى، وهو الترويج مبكرا لترشح جمال مبارك للرئاسة 2022، فى وقت تتجه فيه بعض القوى التى تتفق فى نفس المصالح إلى الزج باسم " الدكتور مصطفى حجازي" مرشحا للرئاسة 2018، ظنا منهم بأن الفرصة مواتية الآن، وهو بالمناسبة ليس سوى وهم افتراضى بتراجع الظهير الشعبى المؤيد للرئيس والدولة المصرية حاليا، فالغالبية العظمى من أبناء الشعب المصرى ليست خارج حسابات الزمن، كما يظن هؤلاء جميعا، وليست أيضا فى غيبة من وعيها إلى الحد الذى يمكن أن لا تدرك جوهر تلك الألعاب الصغيرة التى تقود بالضرورة إلى مستقبل محفوف بالمخاطر.
 
فى حقيقة الأمر فإن الواقع الذى لا تدركه تلك الثعالب الصغيرة أنهم فى سعيهم التآمرى لتدشين حملاتهم فى تزامن مريب مع عيد ميلاد الرئيس فى 19 نوفمبر الجارى، أن الظهير الشعبى الذى يساند سيظل قابضا على جمر اللحظات العصيبة برباطة جأش، والدليل أنه الآن يقوم بأكبر حملة تأييد للرئيس وقراراته الاقتصادية الصعبة، من خلال لافتات تكتظ بها شوارع القاهرة نابعة من ضمير الناس الذين يصرون على احتمال الأزمة الطارئة، والصبر على كافة التداعيات، وهى تتوازى فى الوقت ذاته مع حملات أخرى للتصدى لجشع التجار، والإصرار على محاسبة محتكرى السلع من الفاسدين فى تحد عنيد بأن الشعب المصرى قرر أن يواجه الفساد بنفسه، ولن يخضع لمن يعبثون بمستقبله فى لحظة تاريخية تقوم فيها الدولة والرئيس بمواجهة الإرهاب الذى أصبح الآن تواءمه الفساد بامتياز.
 
هذا ظنى بالشعب المصرى من خلال ما المسه فى الشارع، بأن الألاعيب الصغيرة لا تخيل عليه تماما كما لا تخيل على الرجل الذى نشأ فى "7 حارة البرقوقية"، والذى تربى تربية شعبية فى هكذا أجواء، وسط صناع مهرة لفن الأرابيسك، الذى يعنى بدقة التفاصيل، والتى برع فيها (عبد الفتاح السيسى ) كوالده ومنها على وجه الخصوص عمل "الكرسى الأرابيسك" الذى يصنع الوقار والجلال لدى جالسيه، وهو ما جعله أقرب الأبناء لشخصية والده (الرجل الحقانى) الذى كان يملك حاسة قوية فى كشف من يتربصون بمهنته ووطنه.
 
كما أن اللافت للنظر أيضا فى شخصية الرئيس أن ملاكه الحارس هو القرآن، فعلى قدر التفاصيل والهموم والمسئوليات اليومية التى تقع على عاتقه فإنه يحرص على أن يقرأ جزءا من القرآن فى اليوم الواحد، كما يصر على المشى نصف ساعة مع بداية النهار، مهما كانت الظروف والأجواء المحيطة به ليكن الالتزام ضمن الطاقة السحرية التى تكفل له البقاء والاستمرار بكامل حيويته، ومن ثم تبدو الصرامة عنوانا لشخصيته، انطلاقا من أن "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلت"، ولقد أثبتت التجارب الإنسانية على مر التاريخ البشرى بأن أفضل السبل لصقل شخصية المرء التزامه بعادات وتقاليد وسلوكيات محددة، يستند فيها لعقيدة إيمانية قوية وراسخة.
 
ومن هنا يبدو فهمه لطبيعة شعبه من خلال لغة خطابه التى تتسم بالحنو والرفق بمواطنيه، خاصة فى أوقات الشدة والأزمات، ولعلنا لاحظنا ذلك فى أكثر من تصريح له فى تصديه للإرهاب على المستوى الداخلي، حيث يبدو التأثر المصحوب بالدموع أحيانا على أرواح الشهداء الذى قضوا فى ميدان الشرف، وكذلك الحال فى المحافل الدولية التى بدا من خلالها قائدا عظيما يليق ببلده، حيث يجمع بين القوة والصرامة والحزم فى تعرضه للحديث عن مصر مهد الحضارة والتاريخ وكذا أمته العربية والإسلامية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة