أؤكد أن كل ما أقرة النظام العالمى من مؤسسات ومنظمات ومواثيق وتشريعات دولية خلال السنوات الماضية، من أجل إرساء قواعد العدل وخلق علاقات متوازن بين الدول، تضمن للجميع العيش فى سلام، جميعها (شكلية وفاشلة)، وأن قرارات تلك المنظمات لا تطبق سوى على الضعيف فقط، وأن الحقيقة الثابتة التى لا يريد أن يعترف بها العرب، أن المعيار الوحيد الذى يحكم العالم هو (القوة) ولا شىء غير القوة.
فلا أدرى كيف لم يتحرك المجتمع الدولى الظالم، حتى الآن، لنتائج التقرير المفزع الذى خرجت به لجنة التحقيق فى (ضلوع بريطانيا فى حرب على العراق) برئاسة السير جون تشيلكوت، فى يوليو الماضى وبعد 7 سنوات كاملة من التحقيق، ووجهت اتهامات صريحة ومباشرة للرئيس الأمريكى الأسبق "جورج بوش الابن"، ورئيس الوزراء البريطانى الأسبق "تونى بلير" بقتل ما يزيد عن 150 ألف مواطن عراقى، وتشريد ما يزيد عن مليونى شخص، بعد قرارهما بغزو العراق فى عام 2003، بناءً على معلومات استخباراتية خاطئة، وهو ما كان سيتوجب تقديمها للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ولعل ما يعكس الفصام الكامل للمجتمع الدولى ومؤسساته، أن التقرير الذى خرج عن اللجنة البريطانية لم يحرك للعالم ساكنا حتى، على الرغم من تأكيده صراحة على أن قرار الحرب قد ارتكز على معلومات استخباراتية (معيبة) وأن بلير عرض على مجلس العموم معلومات خاطئة، تفيد بأن أسلحة صدام حسين ـ غير الموجودة سوى فى الخيال، ستمثل تهديدا فى المستقبل، وأنه كان ينبغى على لجنة الاستخبارات المشتركة أن توضح، أنه لم يثبت أن صدام كان يمتلك مثل هذه الأسلحة، وأن الغزو تسبب فى مقتل نحو 150 ألف عراقى.
وحتى نتيقن من أن المجتمع الدولى يعانى من فصام، فلك أن تتخيل أن التقرير الذى يوجه اتهامات مباشرة لـ"بوش وبلير" تؤكد تورطهما فى تدمير بلد آمن، وقتل آلاف العراقين، إلا أنه لا يمكن للجنائية الدولية المطالبة بمثول الرئيس الأمريكى المجرم أمامها، لا لشىء سوى (أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست دولة عضو بالنظام الأساسى للجنائية الدولية)، وبالتالى فليس للمحكمة ولاية على أى أمريكى ارتكب جريمة أو أكثر من الجرائم الدولية الأربع التى تختص المحكمة بملاحقتها).
وأنه لا يمكن للمحكمة الدولية اتخاذ أية إجراءات تجاه الرئيس الأمريكى الأسبق، إلا فى حالة صدور قرار من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق، أو أن تمنح أمريكا ذاتها المحكمة الدولية ولاية للنظر الجرائم التى حدثت فى العراق، وهو ما لا يمكن أن يحدث، على الرغم من خروج بوش ذاته واعترافه صراحة بالخطأ. وأنه قام بغزو العراق بناء على معلومات استخباراتية خاطئة.
ولعل الأغرب فى المواثيق النظام العالمى الظالم، أن بلير ذاته الذى خرج أيضا عقب نشر التقرير معترفا (أن قرار الحرب كان بناء على تقييمات استخبارية مغلوطة) من الصعب مثوله أيضا أمام المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من أن بريطانيا عضو بالنظام الأساسى للجنائية الدولية، لا لشىء سوى أن القضاء البريطانى لا يسمح بذلك.
للأسف سيصمت النظام العالمى الظالم أمام نتائج التقرير، وسيصمت أيضا أمام الحقيقة التى عجزت "اللجنة وبوش وبلير" عن الإفصاح عنها، وهى أنهما (قاما بغزو وتدمير العراق، وقتل كل هؤلاء الأبرياء ليس استنادا إلى معلومات استخباراتية مغلوطة، ولكن طمعا فى السيطرة على النفط العراقى).
وسيحيا كل من "بوش وبلير" ومن على شاكلتهما مهما ارتكبوا من جرم، طالما أن النظام العالمى الظالم يسيطر عليه من يمتلك القوة.
عدد الردود 0
بواسطة:
قليط افندى
بالفعل نظام عالمى ظالم
بالفعل النظام العالمي ظالم ويكيل بمكيالين. صدقت الأستاذ صبرى الديب فى كل ما قلت والعدل يقول انه لابد من محاكمة بوش وبلير بتهمة الإبادة الجماعية لشعب العراق