كنت أعتقد أن مجلس العموم البريطانى سوف يكون على علم بكوارث جماعه الإخوان الإرهابية، ولكن، وكما أشار رد مجلس النواب المصرى على تخاريف مجلس العموم فإن التقرير البريطانى كان من العجيب أن يدافع عن مفهوم مروع لـ«الإسلام السياسى» ويوافق على حكم الدولة بالدين، فى تراجع مفجع عن المقومات الديمقراطية والليبرالية التى قامت عليها الحضارة الغربية والتى ناضلت من أجلها شعوب أوروبا، وتعتبر من أغلى القيم الحاكمة للثقافة والأخلاق السياسية للشعب البريطانى.
وحاول التقرير أن يضع فروقا هشّة وسطحية بين جماعات «إسلامية» تستغل هامش الديمقراطية للوصول إلى السلطة سلميا عبر الانتخابات والممارسة السياسية والحزبية، وبين جماعات «إسلامية» أخرى تنتهج العنف المسلح والإرهاب لفرض منهجها وأسلوبها وعقيدتها على المجتمعات.
وتجاهل التقرير- عمداً أو عن جهل بحقائق التاريخ- أن جماعة الإخوان المصرية كانت منذ نشأتها فى الثلث الأول من القرن الماضى هى المنبع والأصل الفكرى والحركى والأمم الحاضنة لكل الجماعات الإسلامية التى انتشرت فى دول المنطقة عبر ثمانية عقود وحتى الآن. تنظيم القاعدة، أسسته قيادات كانت فى الأصل من أبناء جماعة الإخوان، وفى مقدمتهم أيمن الظواهرى الأب الروحى والعقائدى للتنظيم، وكل تنويعات السلفية الجهادية، والسلفية الوهابية، وتنظيم داعش الإرهابى وفروعه جبهة النصرة وأنصار بيت القدس، ومن قبلها منظمة حماس وكتائب عز الدين القسام، كلها قامت انطلاقاً من الفكرية للإخوان الداعية لحلم «دولة الخلافة» والمؤمنة بوحدة الأمة الإسلامية من ماليزيا وأفغانستان إلى تركيا وكازاخستان والمعادية لـ«الدولة الوطنية» والأمة العربية وغيرها، والكارهة للثقافة الغربية التى تصفها بأنها «إباحية وكافرة»!
وكل الدراسات والتحليلات لما سمى بحركات وجماعات «الإسلام السياسى» فى المنطقة لم تعثر على فروق فكرية جذرية بينها، فكلها تنطلق من تفسيرات متشابهة ومتقاربة للنصوص الدينية، وكلها تؤمن بتفسير شبه متطابق للشريعة، وللجهاد ضد «الحاكم الكافر» والحرب ضد «أعداء السلم». وتتلخص الفروق بينهما فقط فى الأولويات والتوقيتات وأوقات الصدام والهدنة مع الحاكم والتحالفات وطبيعة الحركة السياسية بين الجماهير وأشكال العمل السرى والعلنى.. إلخ.
وشمل التقرير أخطر الوقائع التى تفضح جماعة الإخوان الإرهابية منذ نشأتها وحتى الآن، ويكشف كذب تقرير «العموم البريطانى» بالأدلة الدامغة، ويرد على كل ما جاء فيه من نقاط، ذلك التقرير الذى أحاله البرلمان المصرى لوزارة الخارجية المصرية، تمهيداً لإرساله لسفير مصر بلندن وإنجلترا وألمانيا، حسبما أكد الدكتور أحمد سعيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية.
وأكد التقرير أن لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصرى، تابعت باهتمام بالغ التقرير الذى أصدرته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطانى يوم 7 نوفمبر 2016 رداً على تقرير سابق لمكتب الشؤون الخارجية والكومنولث بوزارة الخارجية البريطانية «صدر فى ديسمبر 2015» حول الاسلام السياسى وجماعة الإخوان.
وأشار إلى أن البرلمان البريطانى مؤسسة عريقة ولها تاريخها وتقاليدها، ونحن فى مصر ننظر إليها بمنتهى الاحترام والتقدير، وحيث إن رد مجلس العموم قد تعرض فى بعض جوانبه لتجربة الإخوان فى مصر، وما جرى من تداعيات فى أعقاب ثورتى 25 يناير 2011 ويونيو 2013. وللحديث بقية.