أحمد إبراهيم الشريف

إسرائيل تحترق.. والعرب يتواكلون

الجمعة، 25 نوفمبر 2016 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما جاءت الحملة الفرنسية لتحتل مصر فى نهاية القرن الثامن عشر محملة بالمدافع والأسلحة الحديثة خرج شيوخ الجامع الأزهر فى مظاهرة يهتفون «يا خفى الألطاف نجنا مما نخاف»، لكن الفرنسيين لم يشعروا بالقلق إلا عندما فهم المصريون رسالة ربهم بأن المواجهة المباشرة هى المفهوم الحقيقى للنجاة.
 
بعد هزيمة 1967 كتب الشاعر نزار قبانى قصيدة «هوامش على دفتر النكسة» وقال فيها «لا تلعنوا السماءْ/ إذا تخلّت عنكمُ/ لا تلعنوا الظروفْ/ فالله يؤتى النصرَ من يشاءْ/ وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ» وقامت الدنيا على الشاعر بعد أن فهم الناس من كلامه أنه يقول لهم «إن الله ليس حدادا عمله هو صناعة السيوف لكم».
 
الآن طريقة التفكير التى هاجمها نزار قبانى تملأ صفحات مواقع التواصل الاجتماعى، بعد الحريق الكبير الذى شب فى دولة الاحتلال الإسرائيلية، حيث جاءت معظم التعليقات تقول ما معناه «إن الله سبحانه وتعالى أحرق إسرائيل بسبب منعها الأذان فى مساجد فلسطين»، وهذا تفكر خطير جدا وخاطئ لأنه يعنى من جهة أخرى «إن أطفأ جيش الاحتلال غدا هذه الحرائق يكون الله قد رضى عنه».
 
لا تزال العقلية العربية ترفض أن تتخلص من إرثها القديم مع أن الفهم الصحيح للدين يرفضه، فقديما عندما جلس الناس بلا عمل بعد صلاة الجمعة سألهم الخليفة عمر بن الخطاب من أنتم قالوا «متوكلون» قال بل «متواكلون» وأكمل قائلا «إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة»، ومن قبلها قال لهم الله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» لكننا لا نفقه التراث ولا نفهم الآيات.
 
القضية تكمن فى أن رجال دين تورطوا فى هذا التفسير ورأوا أن الله يحرق إسرائيل غضبا منه على منعها الأذان وهذا يجعل أصغر طفل يمكن له أن يتعجب: إن الصهاينة ارتكبوا كبائر الذنوب فى الأرض قتلوا الأطفال وحرقوهم ومن قبل حرقوا المسجد الأقصى وشردوا الناس وآذوهم وأخرجوهم من ديارهم وذلك أشد عند الله من أى شىء، وكل ذلك كان أولى بالتدخل المباشر لإنقاذ المظلومين فى الأرض!
 
إن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يخسف بالصهاينة الأرض كما فعل من قبل مع أسلافهم، لكن حكمة الله لا تكون أبدا بهذه الطريقة، فقد منحنا العقل والوعى الذى يجعل منا مقاومين للظلم وليسوا مستسلمين بالدعاء، ومتواكلين على السماء.
 
عن نفسى أتمنى أن تكون هذه الحرائق بفعل فاعل، حينها سوف يشعر المتعصبون اليهود بالخطر، كما أن علينا أن نعلم أن دعوة الله للتدخل بالشكل المباشر فى أصلها طريقة تفكير يهودية، وذلك منذ أن كانوا يُرهقون أنبياءهم بطلب الطعام «جاهز» ليأكلوا من رزق الله ثم يعصونه بعد ذلك. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة