بالرغم من أن فيديل كاسترو تخلى عن السلطة الرئاسية لشقيقه راؤول، فقد كان مستمرا كزعيم ورمز داخل كوبا، كان يكتب مقالات رأى فى الصحف، ويلتقى بالزعماء الأجانب من حين لآخر، لكنه كان يعيش فى شبه عزلة.
كاسترو الذى حكم كوبا لمدة 47 عاما، وهى جزيرة صغيرة، تبعد عن شواطىء الولايات المتحدة بأميال بسيطة، ومع هذا فشلت الولايات المتحدة فى إسقاط كاسترو، وكادت كوبا تكون سببا فى أول حرب نووية بين القطبين الأمريكى والسوفيتى عام 1960، حيث جرت أزمة خليج الخنازير، عندما حاولت أمريكا الدفع بعملاء لإسقاط كاسترو، وتزامن هذا مع نشر صواريخ نووية تابعة لحلف الناتو فى تركيا. ورد السوفيت بنشر صواريخ نووية فى كوبا، ووقف العالم على شفا حرب نووية.
وصرخ نيكيتا خروشوف مهددا أمريكا: «سندفنكم أحياء»، وانتهى الأمر بتدخلات استخبارية، منعت نشوب حرب عالمية نووية كانت تهدد العالم.
قضى فيدل كاسترو 47 عاما فى حكم كوبا، واعتزل قبل عشر سنوات وكان فى الثمانين ليتولى شقيقه ورفيق كفاحه راؤول، وهو فى الخامسة والثمانين من عمره الآن، وإن كان أجرى تغييرات على نظام كوبا مبقيا على الاشتراكية مع بعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ثم إنه استقبل لأول مرة فى مارس الماضى زيارة من أول رئيس أمريكى لكوبا منذ ثورتها عام 1959. وهى زيارة لم تلق ترحيبا من فيدل كاسترو، وإن كان اكتفى بإعلان رأيه. وكان أوباما وراؤول اتفقا نهاية عام 2014 على إنهاء خمسة عقود من العداء السافر.. أوباما تحدث عن مطالب بانفتاح سياسى، وكوبا تطالب بإنهاء الحظر الاقتصادى الأمريكى عليها.
راؤول كاسترو اتخذ خطوات للسماح للكوبيين بالسفر وافتتاح مشاريعهم الخاصة، وهو أمر لم يسمح به فيدل، ثم إن كوبا عقدت اتفاقا مع جوجل لإدخال الإنترنت، كوبا تمتلك نظاما صحيا وتعليميا مجانيا متقدما، لكن تبقى تجربتها الثورية والاشتراكية على المحك، بعد غياب فيدل كاسترو، واقتراب راؤول من التسعين. وبالرغم من أنه أجرى إصلاحات محدودة، فما تزال كل السلطات فى يده، وبالرغم من صمود كوبا ونظامها الاشتراكى بعد سقوط الاتحاد السوفيتى، بالرغم من تكهنات كثيرة بنهاية التجربة لكن لا أحد يمكنه الجزم، بما يمكن أن تكون عليه العلاقة مع الولايات المتحدة أو مستقبل النظام السياسى والاقتصادى فى آخر جزر الاشتراكية.