فى معظم دول العالم، لايوجد تمييز أو تفريق بين الصحفى والإعلامى، لكننا فى مصر وضعنا فروقا غريبة وكثيرة بينهما، رغم أن كل صحفى هو بالضرورة إعلامى، إذا كان الإعلامى هو من يعمل بالأنشطة الاتصالية والإعلامية، كذلك فإن المعد فى الإذاعة أو التليفزيون والمذيعيين هم صحفيون.
اللخبطة بين الصحفى والإعلامى لها أسباب كثيرة ترجع إلى أخطاء الاجتهاد فى الترجمة، وإلى عدم فتح عضوية نقابة الصحفيين، وهى النقابة الأم أمام العاملين فى الإعداد والتقديم فى الإذاعة والتليفزيون، إضافة اسم وزارة الإعلام ورغبة الحكومات المتعاقبة فى عدم منح العاملين فى الإذاعة والتليفزيون حقهم فى التنظيم النقابى، لذلك لدينا وضع شاذ فى مصر هو أن هناك الآلاف يعملون فى الإذاعة والتليفزيون فى وظائف صحفية أو إعلامية، وليس لديهم نقابة تدافع عنهم، وبالطبع أنا مع وجود نقابة مستقلة لهم، وهو ما يجرى التحرك من أجل تحقيقيه حاليا، لكن ما دفعنى للكتابه اليوم هو الجدل الغريب حول من هو الإعلامى الذى يحق له الالتحاق بنقابة الإعلاميين الوليدة، حيث أشارت أغلب المناقشات إلى أن الإعلامى هو من يعمل فى مؤسسة إعلامية، وتكون مصدر رزقه الأساسى، بينما اشترط البعض أن يكون قد مارس المهنة لمدة أكثر من عشر سنوات، فيما اعترض الآخرون على ضم المهن المساعدة للعمل فى الإذاعة والتليفزيون كالمصورين ومهندسى الصوت والإضاءة وغيرهم لأن لهؤلاء نقابات أخرى.
والحقيقية أن كثيرا من هذا النقاش غير منطقى، وقديم بمعنى أنه لايتابع الاتجاهات التشريعية الحديثة والنظم المعمول بها فى دول العالم، كما يتجاهل ظاهرة الصحفى المواطن citizen journalist والتى من المرجح أن ينمو دورها فى الإعلام فى السنوات القليلة القادمة. ركز النقاش للأسف على التضييق فى قبول أعضاء النقابة تماما كما تفعل نقابة الصحفيين!! وذلك لأسباب معروفة تتعلق بالامتيازات المادية التى يحصل عليها الأعضاء من الحكومة، فضلا عن الامتيازات المعنوية. ويمكن القول بأن عطايا الحكومة لأى نقابة فى طريقها للزوال فى ظل السياسيات الاقتصادية الجديدة، وفى ضوء رغبة الصحفيين والإعلاميين فى الاستقلال عن الحكومة، لأن الدور المستقل للإعلام يعنى رفض العطايا والهدايا أيا كانت الجهة التى تمنحها. أما الامتيازات المعنوية فهى عبارة عن التسهيلات التى تمنحها بعض الجهات للصحفيين ليمارسوا عملهم، علاوة على المكانة الأدبية «البرستيج» التى يعتقد أنها ماتزال مرتبطة بمهنة الصحافة والإعلام، وهنا أقول «يعتقد» أو «يظن» لأن هناك نزيفا مستمرا فى الصورة الإيجابية للصحفى والإعلامى ومدى مصداقيته.
قناعتى أنه لاداعى لمنطق التضييق فى ضم عضوية نقابتى الصحفيين والإعلاميين أو أى نقابة مهنية طالما أن الدستور قد قرر مبدأ قديم وغير ديمقراطى هو أحادية التمثيل النقابى لأصحاب المهنة الواحدة! ولابد من التماشى مع الاتجاهات المعمول بها فى كل نقابات العالم وهى التوسع فى ضم أعضاء جدد، وتخفيف الشروط ووضع مستويات من العضوية، ومن ثم زيادة الموارد المالية للنقابة والتى تأتى من حصيلة الاشتراكات التى يسددها شهريا الأعضاء. لأنه سيكون هناك عضو عامل فى النقابة وعضو منتسب، وعضو تحت الاختبار، ويمكن التمييز بين فئات ومستويات العضوية المنتسبة والحقوق المادية والمعنوية لكل مستوى من هذه المستويات، فالعضو العامل هو الذى يمارس المهنة ويعتمد فى دخله على ما يحصل عليه من أجر، سواء كان يعمل فى مؤسسة إعلامية أو يعمل لبعض الوقت، وعلى العضو العامل أن يسدد واحد فى الألف من راتبه الشهرى «هذه النسبة ستمثل مبلغا كبيرا إذا انضم مذيع من أصحاب الملايين فى السنة» ويتمتع العضو الكامل بكل الحقوق ومنها الترشح والانتخاب. وهناك العضو المنتسب وهو الذى يمارس العمل الإعلامى لبعض الوقت أو صحفى أو مذيع مصرى يعمل بالخارج. أو مراسل أجنبى يعمل فى مصر، أو الإعلاميين فى الإذاعات والقنوات الأون لاين والتى تصدر عن شركات صغيرة، أو الصحفى المواطن citizen journalist.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة