مستشفى "بلفيو" ليست مجرد مستشفى يقع فى الجانب الشرقى من مدينة نيويورك، لكنه مبنى غامض يحتل مكانة مرعبة فى المخيلة العامة عند الشعب الأمريكى، كما أنه ليس قصة خيالية يرددها الناس فيما بينهم، بل هى حكاية حقيقة تقشعر لها الأبدان حينما يعلم المرء طرقه الغريبة فى المعالجة.
ونظراً لأهمية المستشفى فى ذاكرة أذهان سكان أمريكا والتى خلقت العديد من القصص، قدم الكاتب "ديفيد اوشينسكى" مدير شعبة العلوم الإنسانية الطبية فى المركز الطبى فى جامعة نيويورك، كتاباً تفصيلا عن المستشفى بعنوان "بلفيو ثلاثة قرون من الطب والفوضى" وذلك ليقطع الشك باليقين ويبرز طرق علاج هذا المستشفى منذ قديم الزمن.
سرد الكاتب "اوشينسكى"، فى كتابه أن المستشفى فتح أبوابه فى عام 1736، وكان مخصصًا للفقراء ولذلك كان يطلق عليه "بيت الفقراء"، فكان يعالج الأشخاص المصابين بالأمراض المعدية التى كانت منتشرة فى ذلك الوقت وكان على رأسها الكوليرا، وأيضًا علاج ضحايا الحمى الصفراء والطاعون، وكانت هذه الأمراض خطيرة جدًا لكن المستشفى تحمل مدى خطورتها واستقبل المرضى لإجراء بعض التجارب عليهم لعلاجهم.
وتابع "اوشينسكى"، أن المستشفى لم يتوقف عند هذه الحالات فقط، بل قام باستقبال العديد من الأشخاص الذين كانوا يعانون من الأمراض العقلية والنفسية، موضحًا أن المستشفى كان مكانًا يعالج فيه ضحايا الجرائم والمرضى النفسيين والأشخاص الذين كانوا يعانوا من أمراض غريبة، إضافة إلى هذا رصد كيف كان يقوم المستشفى بإجراء العديد من التجارب بدون وجود أدوات تخدير فعليك أن تتخيل.
واستعرض "اوشينسكى"، أن أبرز العلميات الجراحية التى قام بـها "بلفيو" دون تخذير كانت عمليات ترميم للأنف والوجه أيضًا، وكل ما سبق لا يكفى بأن تحتل المستشفى مكانة مرعبة بهذا الشكل الكبير، لكن عندما تعلم أن علاج الأطفال كان عن طريق الصدمات الكهربائية، ستتوقف دقيقة لتتخيل المنظر لتقرر بعدها الموت أفضل من تلقى العلاج فى هذا المكان المرعب الذى يشبه حجرة التعذيب.
ولفت "اوشينسكى"، إلى أن المستشفى كان مأوى للعديد من الأشخاص الذين كانوا لا يتحملون نفقة طبيب خاص، وبعد مده طويلة اكتسب المستشفى سمعة صعبة، حيث إنه أصبح مكانًا لتجمع المرضى غير المرغوب فيهم أو الميئوس من شفائهم تمامًا.
وركز الكاتب "اوشينسكى" على أن المستشفى أصبح بمرور الوقت مختبرًا طبيعيًا لأول الأبحاث السرية فى البلاد، إضافة إلى هذا عالج عشرات الآلاف من جنود أثناء قيام الحرب الأهلية، كما أنها أطلقت أول هيئة للإسعاف المدنيين وأيضًا مدرسة التمريض الأولى للنساء.
وأكد "اوشينسكى"، أن المستشف أصبح رائدًا فى مجال العلاج النفسى، ما دفع مدينة نيويورك لتأسيس أول مجلس رسمى للصحة فى البلاد، مع تقدم التكنولوجيا الطبية، إضافة إلى هذا فإن "بلفيو"، أصبحت معسكر تدريب على مهنة الطب، فتحولت من الدجل وسفك الدماء إلى مهمة علمية، وبدأت المستشفيات "الطوعية" تبحث عن المرضى، وذلك استعدادًا لدفع تكاليف الرعاية الخاصة بهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة