حال المواطن المصرى لا يحتاج وصفا ولا شرحا، فالغلاء الذى انتشر فى الفترة الأخيرة يتحدث عن نفسه، والجميع يعانون منه ومن شره، وبالطبع الظروف الاقتصادية العامة هى السبب الأول، لكن جشع التجار هو السبب الأخطر.
ومنذ أيام قليلة انطلقت دعوة لمقاطعة الشراء، على أن يكون ذلك فى اليوم الأول من ديسمبر المقبل، وحسب استطلاع قام به مركز بصيرة، فإن 73%من الشعب المصرى موافق على هذه الدعوة، حتى إن الجهاز المركزى لحماية المستهلك أيد هذه الدعوة أيضا.
وفى الحقيقة هذه دعوة مهمة جدا وضرورية، حتى يعرف التجار أن بضاعتهم سوف تبور وتخسر لو فكر المواطن أن يتجاهلهم، ولو سعى الناس للتوقف عن التعامل معهم، وذلك لأن هؤلاء التجار اعتبروا الغلاء الذى يحدث فرصة، فضاعفوا السعر، وكل منهم أراد أن ينهب الموظف الفقير والعامل المعدم، فارتفعت أسعار بضائع ومنتجات لا علاقة لها بانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، لكن بسبب سيطرة الجشع والرغبة القوية فى امتصاص دم الناس، لذا فهؤلاء التجار يستحقون المقاطعة، ويستحقون من الدولة أن تأخذ على أيديهم وتراقبهم وتعاقب المخطئ منهم، لأنهم لم يتحركوا من منطق أبناء الوطن الواحد، بل بحثوا عن مضاعفة أرباحهم على حسب أزمة المجتمع.
قلنا: إن هذه المقاطعة جيدة، وسنجعل من اليوم الأول من ديسمبر درسا لكل من يريد أن يستغلنا ويتاجر بظروفنا، لكن هذه المقاطعة يجب أن تتم بطريقة صحيحة، فالمفروض أن نعيش هذا اليوم فى تقشف حقيقى مع أنفسنا، بمعنى ألا نذهب فى اليوم الذى يسبقه لنضاعف ما نشتريه، وحينها أصحاب المحلات لن يخسروا شيئا، بل سيعتبرونه بمثابة يوم إجازة، لذا علينا أن نعيش يوم المقاطعة بوعى أننا نفعل شيئا لصالحنا، فنأكل مما عندنا فى البيت، شريطة أن يكون شيئا بسيطا، كما أن يوما واحدا لا يكفى لتحقيق الغرض، بل يجب أن يستمر الأمر لأسبوع متكامل، لكن بشكل مختلف، وهو أن نشترى فقط ما نحتاجه ونراه ضروريا، خاصة من البضائع التى نعرف أن ارتفاع أسعارها جاء مغالاة من التجار.
علينا أن نعرف أننا إن لم نساعد أنفسنا، فلن يساعدنا أحد ولا حتى الحكومة، فعلى المواطنين أن يكونوا يدا واحدة، ومن جانب آخر على الأسر المصرية أن تقوم بنوع من الترشيد الحياتى قدر استطاعتها فى كل شىء، وهذا لا يمنع المطالبة بالحقوق الضائعة عند الحكومة، لكن فى ظل المطالبة يجب أن نملك الإرادة التى تجبر الجميع، الحكومات والتجار والمستغلين، على أن يقيموا لنا حسابا ووزنا.