كثيرة هى الدراسات التى تتعلق بعلم الأديان فى كل العالم يهتم بها الباحثون والمثقفون وتلقى رواجا كبيرا، لأن هذه المنطقة ورغم شهرتها لا تزال تمثل غموضا يغرى بالقراءة والاطلاع، وفيما يعد إنجازا أكاديميا محمود وإضافة كبيرة للمكتبة العربية صدر حديثًا عن مركز جامعة القاهرة للغات والترجمة معجم "الأديان العالمية"، للدكتور محمد عثمان الخشت، أستاذ الأديان والمذاهب الحديثة والمعاصرة بجامعة القاهرة، وذلك ضمن مشروع جامعة القاهرة للترجمة.
ويتيمز "معجم الأديان العالمية" عن غيره من المعاجم فى الطريقة العلمية المتبعة والتى لا تنحاز للأديان السماوية دون باقى الأديان أو المذاهب، أو تنحاز لأديان بعينها فتفرد لها الصفحات، فهو يتجاوز قصور المعاجم السابقة، سواء كانت عربية أو أجنبية، بما فيها من انحيازات حضارية ودينية وشخصية، وبما تنطوى عليه من تشويش واختلاط المعانى والمفاهيم، علاوة على ما وقعت فيه من أخطاء فى الترجمة والتعريب.
ويشتمل المعجم، الذى صدر فى جزأين، على مداخل فى اللاهوت، والفِرق العقائدية، والأساطير، والميتافيزيقا، وفلسفة الدين، والعديد من المجالات الأخرى ذات الصلة بالدين وقضاياه، مما يجعله أكثر من معجم عن الأديان.
كما يشمل المعجم كل المواد المتعلقة بالأديان السماوية والأرضية منذ نشأة البشرية وحتى الآن، وهو موسوعة أكثر من كونه معجما، وهو مرجع لأى باحث عن معلومات فى مجال الأديان أو الفلسفة أو الأساطير.
وبدأ "الخشت" العمل فى تحرير المعجم عام 2001 موضحًا فى مقدمته أن "دقة المعلومات وموضوعيتها هما المطلب الأول لهذا المعجم" كما يؤكد أن ادعاء الموضوعية المطلقة وهم، والادعاء بعدم "الانحياز اللاواعى" أمر مبالغ فيه.
وحرص "الخشت" فى المعجم على أن يقوم بالمقارنة بين المعلومات فى الأديان والمعاجم والموسوعات الأجنبية والعربية وكتب تواريخ الأديان والفِرق والملل، مع حرصه الشديد على تحليلها وتدقيقها وتحقيقها مصاحبًا ذلك بنقد وتصويب، وهو يتبع بذلك الأسلوب التحليلى النقدى، الذى لا يكتفى فيه بإضافة معلومات للقارئ بقدر ما يطرح رؤية نقدية، مع إتاحة المساحة للقارئ للتمييز بين ما هو ذاتى وما هو تاريخى وموضوعى.
وتسعى الموسوعة من خلال كل ذلك لتقديم صورة متكاملة عن علم الديانات وما يدور فيه من رواحانيات وتفاسير تساعد على الفهم ومحاولة للخروج من الصورة الضيقة لكثير من الدراسات التى تسقط فى دائرة الذاتية والتعصب لأحد الأديان وإلغاء الأخرى.
ومحمد عثمان الخشت له مؤلفات عديدة سابقة فى مجال الأديان، كما سبق له المشاركة فى كتابة وترجمة العديد من المواد لمعاجم وموسوعات لمؤسسات كبرى فى مصر وخارجها، مثل "موسوعة الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة"، حيث كتب الجزء الخاص بالمفاهيم والتيارات الحديثة والمعاصرة، وأيضًا شارك فى"الموسوعة الوسيطة فى الديانات والفِرَق والمذاهب والحركات المعاصرة"، وترجم مع آخرين "موسوعة الفلسفة الغربية"، للمركز القومى للترجمة، لكنها لم تنشر بعد.
وهو صاحب إسهامات عديدة تنطوى على تجديد "رؤية الدين للعالم"، وتغيير لغة ومفردات الخطاب الدينى؛ لاسيما كتب "المعقول واللامعقول فى الأديان"، و" تطور الأديان"، و" العقلانية والتعصب" .