نقر حقيقة أن الدفاع عن الفقراء ودعمهم فضيلة عظيمة الأثر إنسانيا..والمتاجرة بآلامهم كارثة!
الدكتور محمد البرادعى، والنائب الثورى هيثم الحريرى، نموذجان من بين عشرات النماذج الناشطة والثورية التى لا تتحدث إلا عن الفقراء والدفاع عن حقوقهم المهضومة، والهجوم على الدولة لأنها لا تراعى الغلابة، وتعذبهم بوضع «السيخ المحمى فى صرصور ودانهم».
تعالوا نقر حقيقة مهمة وجوهرية، وهى أن الدفاع عن الفقراء والبسطاء ومساندتهم ودعمهم، فضيلة عظيمة الأثر إنسانيا، بشرط أن تقدم لهم الدعم والمساندة العملية على الأرض وليس الدعم النظرى والاستعراض أمام كاميرات الصحف والقنوات الفضائية وكأنه عرض مسرحى مسلٍّ!
وأسوأ الناس، هؤلاء الذين يتاجرون بآلام الفقراء وأوجاعهم، وتوظيفها لمصلحتهم الشخصية فقط، وكتب التاريخ مليئة بالنماذج العظيمة التى دافعت عن الفقراء، وتضامنت وتقاسمت معهم المعاناة ذاتها، كما أن هناك نماذج تاجرت بكل قوة بآلام وأوجاع الغلابة طوال عقود ماضية بشكل عام، وخلال السنوات الست الماضية على وجه الخصوص.
وهناك نموذجان سنذكرهما بالاسم من بين عشرات، بل مئات النماذج المشابهة، التى تملأ الدنيا ضجيجا، بالدفاع عن الغلابة والفقراء فى مصر، ولا تترك مناسبة كبيرة كانت أو صغيرة إلا وظفتها وحولتها لمنبر يدافع عن الغلابة، بينما تصرفاتهما السياسية أبعد ما تكون عن قضية الدفاع عن هؤلاء.
النموذج الأول هو الدكتور محمد البرادعى، أشهر مشهور يدافع عن الغلابة، والذى دشن عهده بتقديم نفسه لأول مرة عام 2010، من منطقة «إسطبل عنتر»، حيث وقف هناك يعتصره الألم على حال سكان العشوائيات غير الآدمية، وهاجم الدولة، وأسدى وعدا بمساندتهم والوقوف بجوارهم.
توقعنا أن يستخرج محمد البرادعى من خزائن أمواله، مليون جنيه على سبيل المثال، ليؤسس جمعية باسم دعم ومساندة الفقراء، يقودها لتلقى التبرعات ومساعدة الناس، ولكنه لم يفعل، وانشغل بوضع خطط ثورة 25 يناير وإسقاط مبارك ونظامه، وتوظيف آلام الناس وأوجاعهم لتحقيق هذا الهدف، بوضع كلمة «عيش» لتتقدم شعار الثورة «عيش..حرية.. عدالة اجتماعية».
وحدث ما حدث، واندلعت الثورة، وسقطت مصر فى «فخ» الفوضى والانهيار، واختطفتها جماعات إرهابية وحركات فوضوية، وأعادتها من جديد ثورة 30 يونيو، ثم بدأت تتكشف حقائق مذهلة عن حجم المخططات، وحقيقة الثوار والنشطاء والنخب الذين تصدروا المشهد الثورى، مدعمة بالوثائق والمستندات، وتسجيلات صوتًا وصورة.
ومن بين من تكشفت حقيقتهم البرادعى الثورى المدافع عن الغلابة، والمطارد للفساد، حيث كشفت مذكرات وخطابات رسمية صادرة من الجهاز المركزى للمحاسبات وجامعة القاهرة عن مفاجآت تتمثل فى تقاضى البرادعى مبالغ مالية منذ 17 يونيو 2008 حتى مايو 2016 كأستاذ قانون دولى بكلية الحقوق جامعة القاهرة دون أداء أى أعمال تدريس خلال هذه الفترة ودون الحضور للجامعة بالمخالفة للقانون.
الخطابات الصادرة من الجهاز المركزى للمحاسبات وجامعة القاهرة، كشفت عن تقاضى البرادعى مرتبات ومكافآت وحوافز على مدار 8 سنوات متتالية دون حضوره وتدريسه محاضرة واحدة من محاضرات القانون الدولى لطلبة كلية الحقوق جامعة القاهرة أو الاستفادة منه فى أى شىء بصفته أستاذ دكتور غير متفرغ وهو ما يعد إهدارًا للمال العام، ووصل ما تقاضاه إلى خانات الملايين.
النموذج الثانى، النائب المناضل الثورى «هيثم الحريرى»، الذى يملأ الدنيا ضجيجا بأنه داعم للفقراء، ويدعو لتقشف الحكومة، مارس كل الألاعيب السياسية ليتم ندبه من شركة «سيدى كرير»، وهى شركة مساهمة مصرية خاضعة لقانون شركات القطاع الخاص، إلى شركة حكومية، ليتسنى له الحصول على خطاب تفرغ بعد نجاحه فى الحصول على عضوية البرلمان، بالمخالفة للقانون، فمن المعروف أن شركة سيدى كرير، شركة مساهمة خاضعة لقانون شركات القطاع الخاص، ولا تعطى خطابات تفرغ، فمارس «هيثم الحريرى» ضغوطا كبيرة لندبه لشركة حكومية، ليحصل على الخطاب، وبعد سلسلة ضغوط وابتزاز سياسى كبير، وافقت وزارة البترول.
نجح هيثم الحريرى فى خطته واستطاع الحصول على خطاب تفرغ ليتقاضى راتبا شهريا أكثر من 30 ألف جنيه بالمخالفة القانونية، غير دخله من البرلمان، ثم يتحدث عن الفقراء، ويتهم الحكومة بالأباطيل، ويدعى أن الدولة تحاربه لمواقفه السياسية، وهو أمر غير حقيقى بالمرة.
البرادعى والحريرى، مجرد نموذجين فقط من عشرات النماذج الثورية، التى تنادى بمطاردة الفساد، فى الوقت الذى يتقاضيان فيه من الدولة مرتبات دون وجه حق، وينادون بدعم الفقراء، وهم يتقاضون الملايين، و«آه من ثوارك يا مصر...!!».