منافسة ترامب وكلينتون على حب إسرائيل فى دعايتهما الانتخابية، ليست استثناء من كل الدعايات فى الانتخابات السابقة، ففى كل مرة يعد المرشح بأنه سينقل سفارة بلاده إلى القدس فور نجاحه، ويؤكد أنه سيقدم وبلا حدود دعمه لإسرائيل حتى تبقى الأقوى فى المنطقة، وفى الانتخابات الحالية يزعم «ترامب» بأن «القدس» عاصمة أبدية للشعب اليهودى منذ 3 آلاف عام، أما «كلينتون» فتعهدت برفع مستوى العلاقات إلى مستوى غير مسبوق، ويحدث ذلك كله دون أن يكون هناك أى وجود مؤثر للقضية الفلسطينية.
الملاحظ هذه المرة أن هذا التسابق يتم فى ظل تراجع عربى رهيب فى الاهتمام بالقضية الفلسطينية، ومساع عربية رسمية للفوز بـ«رضا إسرائيل»، واللافت أن هذا التراجع لا يقتصر على الدوائر الرسمية وفقط، وإنما يمتد إلى النخب السياسية والفكرية، فمن قبل كنا نرى جدلا مفتوحا حول أسباب ضعف اللوبى العربى داخل أمريكا، واقتراحات تدور حول كيفية تفعيله، وكنا نرى جدلا حول أسباب قوة اللوبى اليهودى والصهيونى داخل أمريكا وهيمنته على القرار الأمريكى فيما يتعلق بإسرائيل، وكنا نسمع ونقرأ كلاما حول المال العربى فى البنوك الأمريكية وعدم استثماره فى أى قضية عربية جامعة وفى القلب منها القضية الفلسطينية، وكنا نسمع ونقرأ عن شخصيات عربية نافذة فى المجتمع الأمريكى لكن لا أحد من الحكومات والمسؤولين العرب يسأل عنها، وكنا نسمع ونقرأ كلاما حول السيناريوهات المتوقعة لتعامل الرئيس الفائز مع الملف الفلسطينى.
لم يعد شىء من هذا يحدث الآن، فلا كلام عن لوبى عربى مؤثر، ولا كلام عن ضغط يمكن ممارسته بتأثير المال العربى فى أمريكا، بل العكس هو الذى يحدث، والدليل «قانون جاستا» ضد السعودية.
وأصبحت الأزمة السورية بما وراءها وأمامها من تنظيمات إرهابية هى محور الاهتمام، وأصبحت القضية الفلسطينية فى ذيل الاهتمامات، ولم نر نقاشًا واحدًا يتوقع طريقة تعامل الإدارة الجديدة معه، وأصبحت الأوضاع الاقتصادية الصعبة فى كل البلدان العربية هى شاغل المسؤولين والمواطنين، ووسط كل هذا يأتى سباق ترامب وكلينتون على الفوز بقلب إسرائيل، وإذا كان هذا هو استمرار لنهج أمريكى معروف فى التعامل مع القضية الفلسطينية، فإنه يعكس هذه المرة ضعفا عربيا كبيرا، وينبئ بأن هذا الضعف سينتهى بكارثة ما ستفعلها إسرائيل بمساندة أمريكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة