الجميع يعرف، حكومة وأهالى، أن تذكرة المترو فى مصر هى الأرخص بين دول العالم، كما أنها أرخص من أى وسيلة نقل عامة أو خاصة فى مصر نفسها، سواء فى المدن الرئيسية أو فى القرى والنجوع، حيث تبلغ تعريفة الـ«توك توك» مثلا فى أقل توصيلة خمسة جنيهات، بينما تبدأ تذاكر النقل العام من جنيهين، والسرفيس حدث ولا حرج، وكذلك الميكروباصات والـ«توك توك» فى الخطوط المغلقة بالمناطق العشوائية، ركاب خطوط المترو فى القاهرة الكبرى، إذا سألتهم، هل من العدالة أن يركب مواطن من المرج الجديدة إلى حلوان، ويمر فى الطريق على العباسية والعتبة وشبرا الخيمة، فقط بجنيه واحد؟ وكم تتكلف مثل هذه الرحلة التى تدور حول القاهرة الكبرى من أقصاها إلى أقصاها؟ وهل يمانع المواطن من دعم استمرار خدمات وسيلة نقل سريعة وآمنة مثل مترو الأنفاق برفع تذكرة الركوب بمقدار جنيه واحد إضافى؟
- ورغم هذه المعرفة المؤكدة حول ضرورة رفع تذاكر المترو، فإن الحكومة مرتعشة من اتخاذ هذا القرار الحيوى الضرورى، توهما منها أنه عبء زائد على المواطنين، فى الوقت الذى ربطت فيه بين قرار تحرير سعر الدولار وبين تحريك أسعار الوقود وقرار رفع تذاكر المترو، الذى لا يمكن تفسيره إلا أنه توصيات خاطئة من مسؤولين لا يستطيعون قراءة المشهد العام ولا يقدرون كيف ومتى يوقفون نزيف الخسائر فى الشركات والمرافق العامة!
أتحدى أى مركز استطلاح عام أو خاص، أن يجرى استبيانا بين المواطنين حول هذه الأسئلة ليقيس مدى استجابة المواطنين وتفهمهم لمسألة استمرار خدمات مترو الأنفاق من خلال تقليل الخسائر فقط؟! بالتأكيد ستكون إجابات الأغلبية مع رفع سعر التذكرة ولو جنيه واحد، مع الفصل بين الخطوط المختلفة بتذاكر مختلفة، تحقيقا للحد الأدنى من التوازن بين تكاليف الإنتاج والمردود الاقتصادى، وحتى يمكن تحقيق الخطط الاقتصادية للتطوير وإنشاء خطوط جديدة.
أزعم أن قرار زيادة سعر تذاكر المترو كان قيد الدراسة فى مجلس الوزراء، إما بزيادة التذكرة من جنيه إلى جنيهين مع الفصل بين خطوط المترو المختلفة، أو تقسيم الخطوط إلى عدد من المحطات للتذكرة الواحدة، بحد أقصى عشر محطات، تزيد بعدها تعريفة الركوب، لكن مسؤولا حريصا أكثر من اللازم أو خائفا دون مبرر للخوف، نصح بتأجيل القرار، ليخرج وزير النقل بتصريح غريب، مفاده أنه لا زيادة فى وسائل النقل العامة ولا مترو الأنفاق لا الآن ولا مستقبلا، كيف ذلك؟ العلم عند الله وحده وعند وزير النقل، الذى يرتدى ملابس السوبر مان، ويقرر تحمل الخسائر المتزايدة لهذا المرفق المهم وحده، وتحمل خطط التطوير والصيانة وحده، وتحمل تكاليف إنشاء الخطوط الجديدة وحده، من أين لك هذا يا وزير النقل؟