عندما تقوم حرب بين بلدين، ويشتعل كل شىء، يكون النصر لمن يملك بجانب الآلات العسكرية القدرة على صناعة حرب نفسية، فالبلد المهزوم نفسيا يسقط بسهولة فى المعركة ولا يملك القدرة على المقاومة، وكذلك يفكر الإرهاب ويعمل فى كل دول العالم.
فالإرهاب عندما يصيب بلدا ما، فهو يقصد إحداث عدد من الأزمات النفسية لدى مواطنيه، التى تظهر تابعة للجرائم المادية التدميرية والخسائر البشرية التى يراها الناس أو يسمع عنها، فيصبح الشعب المصاب بحوادث إرهابية متتالية غير واثق فى نفسه أو فى حكومته، كما يصاب الجميع بالحزن.
والوطن المصاب بالحزن لن يكون قادرا على العمل ويصاب بالارتباك والتوتر طوال الوقت، لأنه يعرف أنه فى أى لحظة معرض لحادث إرهابى وأن الموت يتربص به طوال الوقت، وبالتالى سينخفض الإحساس بالحياة وجدواها، وينتشر التشاؤم بصورة كبيرة ومؤذية.
وللأسف فى مصر، يتورط الكثيرون منا، بوعى أو بدون وعى، فى إحداث حالة نفسية سيئة، خاصة بعد الحوادث الإرهابية مباشرة، وذلك يؤدى إلى تحويل الوطن بسهولة إلى ما يريده الإرهاب، وذلك عندما يصبح الحديث، خاصة فى الإعلام، منصبا حول القدرات المهولة التى يملكها الإرهابيون وعن خططهم التى تعتمد حرب العصابات وتتناول قدرتهم فى الوصول إلى أماكن محظورة، وهمجيتهم فى القتل وعدم التفرقة فى جرائمهم بين النساء والأطفال والرجال، فإن القارئ والمشاهد سوف يشعر بالخطر على نفسه بشكل كبير ومضر.
وهنا لابد لمؤسسات الدولة أن يكون لها دور إيجابى واضح، وعليها أن تتحرك فى اتجاه أن يشعر المواطنون بشيئين مهمين، أولهما الثقة فى الوطن وليس فى الأشخاص، وثانيا الرغبة القومية فى المقاومة، وعدم الاستسلام للمشاعر السلبية التى تسيطر على الجميع فى وقت الأزمة، وذلك باستنفار الإحساس الوطنى، وإعلان أننا فى حالة حرب.
ليس معنى حالة حرب أن نسير تحت سيف الخوف، لكن معناه أننا نعيش مرحلة من البقاء، فالإرهاب مهما كانت قوته لن يكون قادرا على أن يهزم دولة، ولا شعبا يريد الاستمرار، لدينا أجهزة استخبارات عليها أن تسعى وبسرعة لتصل لهؤلاء القتلة، ثم تتم محاكماتهم وينالوا جزاءهم، وعلى الأجهزة المعنية بوجه عام أن تتحرك وهى تعرف أن التخطيط السليم، والحرص على تحرى الدقة سيصل بنا لشاطئ النجاة.
وعلى الجميع أن يعرفوا أن الإرهابيين مجموعة من الجبناء الذين يقتلون النساء والأطفال حتى لو كانوا فى صلاة، وأنهم غير قادرين على المواجهة، وهم شيء هامشى فى الحياة، لن يتحولوا أبدا إلى وجود فعلى، لأنهم مجرد خفافيش الحياة الإنسانية.