لا أملك حق الفتوى ولكن لدى «عقل» يؤكد أن من يقتل ويحرق الأبرياء ليس مسلماً
أعرف أنه ليس من حقى أن أصدر الفتاوى أو أتحدث كعلماء الدين أو ممن يملكون ناصية الفتوى، فلست من المعممين من مشايخ الأزهر ولا أصحاب اللحى من السلفيين أو حتى ممن أنعم الله عليهم بحفظ بعض سور القرآن أو الأحاديث النبوية، أعرف كل ذلك وأكثر، ولكن أملك من العقل والتدبر ما يجعلنى أقول، دون أن أدعى أننى «مفتى»، إن منفذ جريمة تفجير الكنيسة البطرسية فى الكاتيدرائية بالعباسية عاش إرهابيا ومات كافرا، حيث تسببت جريمته فى سقوط أكثر من 20 قتيلا من المصريين، ولن أقول من الأقباط، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، كل ذنبهم أنهم ذهبوا ليؤدوا صلاتهم حسب شريعتهم فى كنائسهم، نعم أستطيع أن أقول، إن الإرهابى محمود شفيق ومن ساعدوه فى قتل نفس بشرية كفار وإن الإسلام برىء منهم، ومن جرائمهم ولأنهم ذبحوا وحرقوا وقتلوا نفسا بشرية دون ذنب، فإسلامنا الحنيف لا يدعو إلا لكل عمل صالح ولم يأمرنا نبينا بقتل الأبرياء ولم يتضمن قرآننا إلا كل آيات الرحمة وحب الآخر والتعايش السلمى مهما كانت ديانته، وكتب التاريخ رصدت وصايا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه لكل الجيوش الإسلامية التى كانت تعد لفتح الدول ونشر الإسلام، لم يدعو النبى محمد لقتل من يعبد الله فى كنيسة أو معبد ولم يأمر أبوبكر جنوده بحرق الشجر وهدم الحجر، جميعهم أرسلوا رسالة السلام والمحبة مع الجيوش الإسلامية، لهذا نجحنا فى فتح الدنيا ونشر الإسلام فى كل ربوع الأرض.
إذا فإن منفذ تفجيرات الكنيسة البطرسية، ومن معه ليسوا على الإسلام، بل هم خوارج هذا العصر ممن ينتمون إلى الدين الداعشى أو الإخوانى وليس الإسلامى، ولهذا فإنهم اعتمدوا على كل فتاوى التكفير وفتاوى الحرق وفتاوى الذبح، التى توكد أنهم مجموعة من الإرهابيين الذين يعيشون على دماء الأبرياء، وأن نهايتهم لن تختلف عن نهايه أبوجهل وأبو لهب وغيرهم ممن عاشوا إرهابيين وماتوا كفارا، لقد أثبتت العمليات الإرهابية التى ترتكب من تنظيمات داعش أو الإخوان أن منفذيها يعتنقون ديانة داعشية إخوانية، وأن رسولهم هو أبو بكر البغدادى أو محمد بديع أو خيرت الشاطر أو يوسف القرضاوى، لقد تسببت تفجيرات الكنيسة البطرسية فى حالة استياء وغضب لنا جميعا، تلك الجريمة التى لا تختلف كثيرا عن قتل الأبرياء فى سيناء وذبح جنودنا ومواطنينا على يد الإرهابيين من الإخوان والدواعش، أمثال حبارة وشفيق وصفوت حجازى والبلتاجى وغيرهم من أعضاء كل التنظيمات الإرهابية التى اعتمدت، كما يقول البحث الرائع الذى أعده الكاتب على أنوزلا، على جذور فقيه مبتورة من الضرورى إعادة النظر فى أصولها الفقهية، وهى نفس الجذور التى اعتمد عليها «داعش» والإخوان أثناء حرقهم أو ذبحهم لخصومهم، ومنذ فتره أذاعت بعض القنوات التابعة للإخوان فيلما أنتجه مشايخ داعش يبررون فيه استخدام طريقة حرق، كما حدث مع الطيار الأردنى معاذ الكساسبة أو ذبح الأبرياء، كما حدث مع عشرات المصريين الذين ذبحوا فى ليبيا أو العراق، حيث استشهد الفيلم الإخوانى والدواعشى على فتوى لأحمد بن تيمية، أكبر مرجع فكرى للتنظيمات الإسلامية السنية التى تتبنى العنف، جاء فيه: «فأما إذا كان فى التمثيل الشائع دعاء لهم إلى الإيمان أو زجر لهم عن العدوان فإنه هنا من إقامة الحدود والجهاد المشروع».
وفى المواقع الرقمية القريبة من التنظيمات الإرهابية تم تبرير هذا الإعدام الوحشى بأنه يدخل فى باب المعاملة بالمثل والجزاء من جنس العمل، عملا بالنص القرآنى الذى يقول: «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به» (صورة النحل)، وهو ما يفسر، بحسب زعمهم، تنفيذ الجريمة فى المكان الذى يفترض أن الطيار الأردنى قصفه قبل سقوط طائرته، ومن ثم، تم ردم رماده تحت نفس الركام، الذى خلفه قصف طائرته!
أصحاب هذه «الفتوى» على المواقع «التكفيرية» يستشهدون برواية عند مسلم عن أنس أنه قال: «إنما سمل النبى–صلى الله عليه وسلم- أعين العرنيين، لأنهم سملوا أعين الرعاء». أى إن المعاملة بالمثل كانت سارية منذ عهد النبى محمد، وهو نفسه أجازها.
هذا الحديث يسمى فى الموروث الفقهى بـ«حديث العرنيين»، وقد رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما، ومفاد قصته أن عرنيين من قبيلة عرينة، جاؤوا إلى المدينة وأعلنوا إسلامهم، فآواهم النبى محمد، وعندما أصيبوا بمرض أنزلهم النبى فى منطقة ترعى بها إبل الصدقة وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها ليشفوا، وعندما صحوا ارتدوا عن الإسلام وقتلوا راعى النبى واستاقوا الإبل، فبعث فى آثارهم وعندما ألقى القبض عليهم أمر بقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم بالحديد المحمى وألقاهم فى الشمس حتى ماتوا، حسب ما جاء فى كتاب «الروض الأنف فى شرح السيرة النبوية»، لعبدالرحمن السهيلى، وللحديث بقيه، إن شاء الله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة