بعد 20 شهرا من الغارات المتواصلة على اليمن، تأكدت دول الخليج استحالة الحل العسكرى، وأن المستحيل نفسه هو التدخل البرى الذى لن يسفر إلا عن التورط فى مستنقع صعب لا يمكن الخروج منه، فما عجزت عن تحقيقه الطائرات، سيواجه فشلا أكبر فى حروب الدبابات والمدرعات ، فى الجبال والوديان والأحراش ، وجبهات وعرة لا يفهم طبيعتها إلا أهلها، وتحولت عاصفة الحزم إلى ما يشبه الحرب فى الوقت الضائع، دون أن تحقق الأهداف التى انطلقت من أجلها، لم تخلف القنابل والصواريخ سوى القتل والخراب والجوع والكوليرا، وتحول اليمنيون من شعب سعيد إلى وطن مستباح، تعبث فيه أسوأ التنظيمات الدينية المسلحة ، وتُمارس فيه أسوأ المجازر ، ولا يكاد يمر يوم إلا ويستقظ اليمنيون على عملية إرهابية، ينجم عنها عشرات القتلى والجرحى، دون أدنى أمل لوقف الحرب التى فشلت فى الجو، وتعقدت على الأرض، وباعدت أمل عودة الحياة إلى طبيعتها.
لم تنجح الغارات فى تحرير اليمن من الحوثيين وإيران، بل استشرى نفوذهم وزادت شوكتهم، والدم الذى يملأ الشوارع يعرقل محاولات التسوية السلمية، رغم تأكيد الوسيط الدولى أن الحل السلمى هو الخيار الأفضل لكل اليمنيين، مرددا نفس العبارات الهشة، بأن الحل المقترح سيكون مبنيا على أساس المرجعيات الدولية المتوافق عليها وقرارات مجلس الأمن الدولى 2216، وتشجيع الحوثيين من جانب والرئيس عبدربه منصور المدعوم سعوديا وخليجيا، على الانخراط فى جولة مفاوضات قصيرة من عشرة أيام خلال الشهر الجارى، للتوصل إلى اتفاق نهائى بموجب خطة جديدة للسلام.
عمليا وعلى الأرض يبدو الاستقرار السياسى الداخلى فى مهب الريح، فلا يزال الرئيس السابق صالح والحوثيين ، لديهم سطوة ونفوذ ويتحركون فى الجنوب، ويدعمهم مئات الآلاف من المتعاونين والمؤيدين لهم، وعلى الرغم من ضربات عاصفة الحزم الخاطفة والمركزة التى دمرت الكثير من مقوماتهم وقدراتهم العسكرية، ولكن لم تتبلور فى اللحظة الراهنة قوة عسكرية سنية، تستطيع أن تواجه النفوذ الشيعية، بعد أن سعت الأطراف المتحاربة إلى إشعال صراع دينى، يخلق نوعا من التوازن فى معادلة القوة، ولم يسفر وجود داعش فى مسرح الحرب إلا عن عمليات خاطفة، تؤدى إلى سقوط المئات من المدنيين قتلى وجرحى.
خفتت أصوات دعاة الحرب، وارتفعت أصوات المطالبين بالحل السلمى على استحياء، بعد تدمير اليمن وتجويع شعبه، وخلق مآسى إنسانية مروعة، وأصبح الرهان القائم الآن على ضربات عاصفة الحزم فى الجو، وأداء القوات الموالية للرئيس هادى الرهان الخاسر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة