كل يوم نواجه مئات التعليقات، والبوستات والهاشتاجات من كتاب وإعلاميين ومجهولين على مواقع التواصل الاجتماعى، وكلها تمسك بكلمة أو تعبير أو إشارة لمسؤول، بدءًا من السيسى إلى الوزراء، لتعيد وتزيد فيها أو تنتقدها أو تتهكم عليها، دون الالتفات نهائيًا إلى مجموعة القضايا والتحديات التى تناولها الرجل وعرضها على الناس.
لماذا انتشر هذا المنهج السفيه فى التعامل مع قضايانا الكبرى. وكأنها شىء لا يخصنا، لا نتكلم عنه ولا نحب الانغماس فيه، وبدلًا من ذلك نغرق فى سفاسف الأمور ونضخمها، ونعتبرها هى القضايا الحقيقية التى تعنينا؟
لماذا لم يثر نقاش جاد على مواقع التواصل، مثلًا حول المعارك الحقيقية التى نواجهها فى الاقتصاد والسياسة داخليًا وخارجيًا؟ ولماذا نفتقد الجدية والرصانة والبحث عن الحلول فى نقاشاتنا على مواقع التواصل أو فى سائر منابرنا الإعلامية والسياسية، ولماذا لم يتم النقاش حول الجهود المبذولة لمواجهة ما أسماهم بأهل الشر الذين يتعمدون الإضرار بالمصالح المصرية وضرب اقتصادنا؟ ولماذا لم نرَ نقاشًا جادًا من الأفندية المثقفين والإعلاميين حول دورنا الوطنى الشريف والعروبى من القضية السورية واليمنية والليبية؟
الأفندية الكتبة وأصحاب دكاكين التوك شو، ومحترفو مواقع التواصل أصبحوا سواء فى الجهل واللامبالاة والتفاهة والمزايدة الفارغة، إلا من رحم ربى ورزقه الفهم والبصيرة، ليدرك وينور الناس بما يدرك!
لماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه من انحطاط فى الفهم والجهل الصريح والتهرب من المسؤولية لدى قطاع ملحوظ ممن يسمون بالكتاب الصحفيين والإعلاميين؟ ولماذا طغى منطق الإفيه والقفشة والنكتة على كتابات فى الصحف وبرامج تليفزيونية؟ هل يجهل مثلًا هؤلاء الكتاب والإعلاميون أننا فى حالة حرب حقيقية؟ هل يجهلون ماذا تفعل الدول فى حالات الحرب؟
هناك شىء خطير يحدث فى عقول وتوجهات النخبة التى كان السادات يطلق عليهم الأفندية، هذه النخبة لا تؤيد ولا تعارض، وإنما تنسحب وتتوارى لتحتمى بالتفاهة والسخرية وجلد الذات والآخرين، وكأنها تتمنى الهزيمة، ولا تصدق أن البلد قادر على الانتصار، ألأننا لم نعرف سوى الهزائم لا نريد السعى لتحقيق أى نصر؟ ألأننا اعتدنا على الفقر والإفقار، لا نريد ولا نتحرك فى اتجاه دعم الجهود الواضحة أمامنا لتحقيق التنمية الشاملة؟