مشكلة السيسى التى تغضب البعض أن نظرته للشباب أكثر اتساعا من رؤية بعض الإعلاميين والسياسيين
استعدت إدارة المراسم وجهزت كل شىء ليتقدم الرئيس السيسى ليزيح الستار، ويعلن الافتتاح الرسمى لمحور الضبعة روض الفرج، كل شىء مخطط بعناية فى منطقة بوابات السيطرة الأمنية لهذه اللحظة، اصطف الشباب الحاضر مع الوزراء والمسؤولين والكتاب والإعلاميين، انتظارا لتقدم الرئيس بصحبته القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربى الفريق أول صدقى صبحى ليقص الشريط ويعلن الافتتاح، لكن ما إن وصل الرئيس حتى تغيير كل شىء، فلن يتقدم الرئيس ليزيح الستار أو يقص الشريط، وإنما سيتراجع خطوة للخلف، نعم الرئيس يتراجع خطوة ويشير بيديه مبتسما للشباب الحاضر أن يتقدموا ليزيحوا الستار ويقصوا الشريط، ويعلنوا بأنفسهم افتتاح واحد من المشروعات العملاقة فى مجال الطرق التنموية.
لم يفعل الرئيس هذا بمنطق روتينى أو لمجرد الظهور فى صورة الرئيس القريب من الشباب، أو من أجل الشو الرئاسى، وإنما هى قناعة ثابتة عند الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن الشباب هم الأولى بأن يتقدموا الصفوف وأن يكونوا أبطال المشهد، وأن يتراجع الجميع من أجلهم خطوة وربما خطوات للخلف، ليس تراجع التوارى أو الاختفاء، وإنما تراجع المحبون للوطن الحادبون على مصلحته الناظرون إلى مستقبله.
تقدير الرئيس للشباب واضح فى كل قرار ومناسبة، لا يقدمهم فقط وإنما يحاورهم، يستمع إليهم، يأخذ باقتراحاتهم، يدعمهم ليكونوا جاهزين لتحمل المسؤولية، يعتبرهم أهم مشروع للمستقبل، يراهم ثروة مصر التى أهدرت لعقود وحان وقت اكتشافها ووضعها فى مكانها الذى تستحقه، ومن أجلهم خصص عاما كاملا للشباب ومؤتمر وطنى كان سنويا تحول بطلبهم وموافقة رئاسية فورية إلى لقاء شهرى، من أجلهم فتح الأبواب لتمويل المشروعات الصغيرة، وخصص 200 مليار جنيه لدعمها، وغير ذلك من عشرات القرارات التى لا يتركها الرئيس، وإنما يتابعها بشكل دائم، ليطمئن على أن الشباب يحصل على حقه ولا يسرق منه.
مشكلة السيسى التى تغضب البعض وتجعلهم يسعون لتشويه، مثل هذا المشهد الوطنى أن نظرته للشباب أكثر اتساعا من رؤية بعض الإعلاميين والسياسيين، فهو لم يقع مثل هؤلاء أسير قلة من الشباب الذين تخصصوا فى حصد كل الثمار بالمزايدة وادعاء الثورية، لم يستسلم لضغوط من امتلكوا مهارة الابتزاز وسرقة كل المشاهد واحتكار الحياة الشبابية، وإنما تعامل مع الشباب بمنطق مغاير أساسه العدالة الشبابية، فالشباب أكثر من هؤلاء المزايدين بكثير، الشباب يمثلون 60 % من المصريين فلا يجوز اختصارهم فى عشرين أو ثلاثين اسما إن لم يحضروا مناسبة اعتبر كل الشباب غائب، وإن رفضوا قرار اعتبر رفضهم موقفا عاما للشعب كله.
الشباب عند السيسى هو عشرات الملايين من أبناء المصريين فى الجامعات والمدارس، فى الصعيد وبحرى والحدود، فى الريف مثل الحضر، هم كل من يحملون هم هذا البلد ولا يتاجرون به نظير حفنة دولارات تأتيهم من الخارج، هم من يتوقع، بل يتمنى الرئيس أن يرى منهم وزراء ونواب، بل ورؤساء مصر المقبلون وليس خونة أو متآمرين أو مدفوعين من قوى خارجية لهدم مصر. يبقى السؤال.. هل حقق الرئيس كل ما يريده الشباب.. والإجابة ليست عندى وإنما عند الرئيس نفسه الذى لم ينكر أبدا أن رغم كل ما يفعله هناك مشكلة فى التواصل مع الشباب، وأن الدولة حتى الآن لم تجد حلا للغز ابتعاد شبابها وعزوفهم عنها، ولم تعرف الطريق الأقصر، والمباشر للوصول إليهم وتلبية مطالبهم، ويأمل أن يكون ما يفعله بداية لإنهاء هذه المعضلة، وأنا شخصيا على يقين بأنه سيصل فى النهاية إلى الشباب وينهى الخصام بينهم وبين دولتهم.. فقط قليل من الصبر والتفهم للظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، وأن تعمل كل المؤسسات بنفس حماس وقناعة الرئيس.