أحمد أيوب

جابر نصار.. الرؤية الجريئة

السبت، 24 ديسمبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يثبت الدكتور جابر جاد نصار يوما بعد الآخر جدارته بالجلوس على نفس الكرسى الذى جلس عليه الدكتور أحمد لطفى السيد و22 شخصية أخرى من رموز مصرية تبعوه فى منصب رئيس جامعة القاهرة منذ تحويلها من جامعة أهلية إلى حكومية فى 1923.

 

الدكتور جابر وقد قارب على إتمام عامه الرابع فى رئاسة الجامعة الأم أكد أنه لا يقل فكرا وقدرة عن كل من سبقوه فى منصبه، فهو يعرف قيمة المنصب الذى يشغله، ويدرك أهمية أن تستعيد الجامعة الأقدم فى الشرق الأوسط مكانتها ليس كمؤسسة تعليمية تمنح شهادات التخرج، وإنما كمنارة فكر وثقافة ومنصة دفاع قوية عن هوية الأمة المصرية.

 

الدكتور جابر الذى جاء إلى موقعه فى يناير 2013 بانتخابات غلب عليها التصويت الانتقامى من أساتذة الجامعة ضد رغبة الجماعة الإرهابية فى فرض سطوتها ورجالها على الجامعة الأعرق، أكد مع مرور الأيام أنه ليس كما روج البعض كان مجرد اختيار "عناد" ضد جماعة فقدت الوطنية، وإنما هو رئيس جامعة يمتلك مشروعا تنويرا ورؤية فى الإدارة تتناسب مع هذا الموقع السامى، والأهم أنه يمتلك الجرأة فى تنفيذ هذا المشروع دون أن يخشى ردود الفعل المفتعلة أو يتراجع أمام تهديدات بعض المزايدين، ولهذا فلم ترهبه هجمة المتوعدين ضد قراره بمنع النقاب فى مستشفيات الجامعة بل أصر عليه وخاض المعركة بقلب حديدى، ولم يخيفه صخب المتشدقين ضد قراره بإلغاء خانة الديانة من كل أوراق ومستندات الجامعة وفرض قراره على معارضيه بذكاء، ولم يمنعه وعيد المتطرفين من تنفيذ قراره بإلغاء زوايا الصلاة واستبدالها بمساجد رئيسية ليمنع الاستغلال الخبيث للزوايا فى تجنيد شباب الجامعة وبث الفكر الإرهابى فى عقولهم، وإنما تحدى كل الإدعاءات التى روجت ضده لإجباره على التراجع.

 

بل خاض تجربة لم يجرؤ رئيس جامعة ممن سبقوه عليها، فأقام ندوات ثقافية وحفلات فنية فى قلب الجامعة دون أن يتردد لحظة واحدة وهو يسمع بعض ممن حوله يحذرونه من العواقب الوخيمة التى يمكن أن تحدث.

 

كل هذا لم يكن من السهل على رئيس جامعة بها نحو 300 ألف طالب بانتماءات مختلفة  أن يتخذها إلا إذا امتلك الجرأة والذكاء فى نفس الوقت، وكان لديه من الإصرار ما يمكنه من تحمل العواقب التى لا يعرف مداها ولا مصدرها، وهذا ما تميز به جابر نصار، ففى الوقت الذى كان يتعامل بهذه الجرأة المحسوبة مع ملفات جامعية صعبة كان هناك رؤساء جامعات أخرى يتراجعون أمام الأصوات المتطرفة، ويفضلون الاحتماء خلف شعار "ليس فى الإمكان أبدع مما كان" وبعضهم اكتفى بالإدارة التقليدية تجنبا للصداع والبعد عن المشاكل والأزمات، حتى أن البعض كان أشبه بمن يسير داخل جدران وحوائط الجامعة وليس بجانبها خوفا على منصبه، فلم يجرؤ أحد من هؤلاء أن يخوض معركة واحدة شرسة ضد التطرف وعناصر الجماعة الإرهابية، وبعضهم ترك المهمة للأمن كى يريح نفسه، لكن جابر نصار كان لا يخشى الهزيمة فحقق الانتصار فى كل معاركه لصالح الجامعة ولصالح المواطنة ومبادئ الدولة الوطنية، وفى الوقت نفسه لم تشغله معاركة عن التخديم على العلم وتوفير كل ما تتطلبه الجامعة من خطط ولوجستيات ترتقى بالمستوى العلمى.

 

أنا شخصيا لم تجمعنى بالدكتور جابر نصار سوى لقطات سريعة سبقها كلام كثير سمعته كان يشكك فى قدرته على ملئ منصبه الجديد، لكن متابعتى له خلال الفترة الماضية أكدت أنه شخصية ثقيلة الوزن ثرية الفكر واثقة الخطى تعرف ثوابت الوطن وقادرة على القتال من أجلها، وأعتقد أن هذه الشخصية تؤهل الدكتور جابر للاستمرار فى موقعه كرئيس لجامعة القاهرة، وهذا ما أتوقعه، الانتقال إلى موقع آخر يمكنه من تعميم تجربته الناجحة فى القاهرة  ورؤيته الفكرية على مستوى أكبر.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة