مرة أخرى تجد نفسك مضطرا إلى تأمل صفوفك، لأن الضربة تأتيك من الخلف، من حيث خطوط أمانك واطمئنانك، تظن وكل ظنك حسن نية أن هؤلاء الذين يقفون بجوارك على نفس الخط أو يشكلون صفوف دعمك لحماية خطوطك الخلفية حصن أمن لن يسمح بمرور مايسبب لك الأذى، ثم تكتشف مرة بعد الأخرى أن كل الضربات الصعبة تأتيك من حيث لا تحتسب.. من أقرب نقطة يقف فيها ناصرك وداعمك أو من تظن أنه كذلك.
وقت افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة، خرج بعض من الكتاب وأهل الإعلان ينشرون على الناس أغانى «المصريين أهم» وأضاعوا ساعات الهواء وصفحات الجرائد فى محاولات نفاق مستمرة وغفلوا عن شرح طبيعة المشروع الضخم، الذى تتبناه الدولة المصرية من أنفاق تربط لأول مرة سيناء بالوادى والدلتا، ومن شبكة طرق وبنية تحتية تؤسس لاستثمار مستقبلى فى منطقة عشنا عقودا طويلة نتمنى تعميرها، نفس الأمر تكرر فى المؤتمر الاقتصادى الأول بشرم الشيخ لم تتحدث الدولة الرسمية عن مليارات ستتدفق بعد انتهاء المؤتمر بساعات، بل تحدث الوزراء عن مذكرات تفاهم واتفاقيات محددة، لفتح باب الاستثمار تم منها ماتم وتأخر منها ماتأخر بينما كان بعض أهل الإعلام يروجون دون معلومات أن السماء تمطر مليارات فى شرم الشيخ، ثم تكرر الأمر سابقا فى الأزمة المصرية الجزائرية، التى تخيل فيها بعض أهل الإعلام أن دعم الوطن بالشرشحة وإهانة شعب دولة أخرى، الآن يعود المشهد بنسخته الكربونية مجددا، رغبة ملحة فى المزايدة على الدولة، والمبالغة فى شرح مواقفها، والرغبة فى التطبيل والنفاق من قبل بعد الأسماء كى تربط اسمها عنوة بالإدارة السياسية، بينما هى تطعنها من الخلف بترويج المبالغات.
رئيس الوزراء الأثيوبى قبل 24 ساعة من الآن قال فى حواره مع قناة الجزيرة، بعد سؤال ينتمى لفئة الصيد فى الماء العكر حول تدخل مصر لدعم الحركات المناهضة للحكومة الأثيوبية، انتقاما من إنشاء سد النهضة ؟، وجاءت الإجابة لتفسر لك أن مبالغات بعض أهل الإعلام بغرض النفاق أو التعبير عن وطنية زائدة ربما تسبب الكثير من الأضرار للوطن، وتعطل مشروعات الدولة، ومحاولاتها السياسية والدبلوماسية للتعامل مع الأزمات.
قال رئيس الوزراء الإثيوبى فى إجابته: الحقيقة نحن نملك معلومات واضحة على أن دولة أريتريا تعمل بشكل صريح لزعزعة الاستقرار فى أثيوبيا، ولكن الوضع مختلف بالنسبة لمصر، فلا توجد معلومات موثقة تقول بوجود تحرك مصرى لدعم حركات مناهضة للحكومة الإثيويبة، ولكن ذلك لا يعنى براءة مصر، لأننا نجد أنفسنا أمام بعض الإشارات التى وردت فى بعض وسائل الإعلام المصرية تقول صراحة وتفاخر، بأن لمصر دورا فى دعم الحركات المناهضة للحكومة الأثيوبية، بل رصدنا بعض الأصوات فى الإعلام المصرى تطالب بدعم هذه المظاهرات، وأصوات أخرى تحرض على الفوضى فى أثيوبيا وضرب السد.
انتهى كلام رئيس الوزراء الأثيوبى بإشارة واضحة إلى أن بعض المذيعن والكتاب الذين يعملون دون وعى ودون معلومة، ودون إدراك للخطوات السياسية والدبلوماسية المصرية تحولت فجأة مبالغاتهم ورغباتهم النفاقية إلى أداة تستخدمها أثيوبيا للزج باسم مصر فى مسألة التدخل فى الشأن الأثيوبى، يمكنك أن تراجع ماظهر فى بعض الفضائيات ونوعية الضيوف، التى كانت تظهر فى استديوهاتهم يتكلمون عن دعم المظاهرات وعن دور مصر فيها، كما يمكنك أن تعود إلى حديث إعلامى شهير عما حدث فى أثيوبيا بوصفه ثورة يجب دعمها والتعاطف معها، وستعرف من أى بئر يصطاد أعداء هذا الوطن الأدوات التى يعمل بها على هدمه، للأسف يحدث هذا بقلة وعى بعض من هؤلاء الذين يتصدرون مشهد الإعلام ويبالغون فى نفاقهم ومزايداتهمو، التى تضر الوطن وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
لا شىء أخطر على صفك الوطنى من أفراد يؤكدون أنهم معك فى نفس الصف كتفا بكتف، ولكنهم معدومو الكفاءة، ورصاصهم يخترق ظهرك بدلًا من أن يذهب إلى صدور خصومك، هؤلاء يشبهون الدببة، هم التجسيد الحالى للأسطورة المعروفة شعبيًا باسم «الدبة التى قتلت صاحبها».
تراثيًا يعرف المصريون تلك القصة «عابر سبيل مر بأرض قاحلة، عثر على دب أنهكه التعب بعد السقوط فى فخ صياد، وبشهامة فك أسره، وقرر الدب أن يرافقه لحمايته ردًا للجميل، ومن التعب نام الرجل فى ظل شجرة وجلس الدب بجواره يراقبه ويحرسه، ومن بعيد ظهرت «ذبابة» فوق رأس النائم وتقترب منه، انتفض الدب لحماية صاحبه وانتزع حجرًا وألقاه فوق الذبابة دون أن يدرى أنه قبل قتلها قتل صاحبه».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة