فى غرفة 1021 بأحد فنادق الأقصر بمحافظة الأقصر، لفظ الفنان الراحل جميل شفيق أنفاسه الأخيرة، على هذا الفراش، دون سابق إنذار، وكان رحيله المفاجئ بمثابة صدمة لكل محبيه، خاصة أنه توفى أثناء مشاركته ضيفًا فى ملتقى الأقصر الدولى للتصوير الذى يعد أكبر وأهم ملتقى تنظمه وزارة الثقافة سنوياً.
السرير الذى توفى عليه الفنان جميل شفيق
هذه الغرفة شاهدة أيضًا على مولد حالة فنية جديدة قدمها الفنان الراحل جميل شفيق، لتكون ذكرى قوية يتذكرها محبوه دائما، وهى بالفعل أعمال تستحق المشاهدة لأنها تمثل قيمة فنية عالية دون شك.
كان الفنان الراحل جميل شفيق طوال الأيام الأولى من الملتقى يفضل الرسم فى الشرفة، أثناء فترة الصباح للتمتع بالهواء الصافى ومنظر الخضرة الرائعة التى تطل عليها الغرفة.
الغرفة من الداخل
وأثناء تواجدنا على أعتاب غرفته لحظنا لوحة كبيرة بيضاء فارغة، فعلى ما يبدو أن جميل شفيق كان ينوى رسم عمل فنى آخر، على الرغم من معاناته للمرض، إلا أنه كان شديد الحرص على تقديم أعمال فنية عديدة فى هذا الملتقى كأنه يستشعر الموت دون أن يبلغ أحدا بما يعانيه.
وترك الفنان جميل شفيق ذكرى طيبة نتذكره بها، فكانت الفرشة الملونة أقرب وسيلة عبرت عن أفكاره وعن محبته وتفانيه للفن حتى آخر لحظتات بالعمر.
آخر لوحه للفنان
رحل جميل شفيق وترك خلفه فنا رائعا أدركه المحبون ورثوه بما يليق به، فقال عنه وائل السمرى فى مقالة بعنوان "موت الجميل" "هذا الفنان الشفيف، النبيل، حامل الحلم، وزارع البسمة، وملخص الرمزية المصرية برشاقتها وعنفوانها، ذلك الفنان الذى استطاع أن يجبر من يرى لوحاته المرسومة بالأبيض والأسود وكأن بها أزهى ألوان الكون، مات وفِى يده ريشته وعلى وجهه ابتسامة..أتذكره وهو يحمل لوحاته فى إحدى غضباتنا من حكم الإخوان أمام دار ميرت للنشر قبل انطلاقنا رافعين صور رموز مصر المستنيرة إلى ميدان طلعت حرب.. أتذكره وقد وزع لوحاته التى تساوى مئات الآلاف من الجنيهات على المشاركين فى الوقفة تأكيدا لدور الفن فى محاربة الظلام.. كان يريد أن يقيم معرضا مفتوحا لأعماله التى تحمل مشاهد الحياة المصرية ورموز حضارتها.. وبعد انتهاء الوقفة والمعرض اختفت جميع اللوحات ولَم تختف ابتسامته.. مع السلامة يا عّم جميل شفيق.. فى يدك الريشة مازالت والفضاء لوحتك الآن، أعد لنا معرضا وانتظرنا حيث لا ظلم يقهرنا ولا ظلام يعمينا".
الغرفة
بينما قال الفنان الدكتور أشرف رضا، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة: "إننى التقيته بمرسمه منذ عدة أيام، تحدثنا عن مراحل حياته الفنية.. وعن عشقه للأبيض والأسود ومراحل التهشير والتظليل ... وأطلعنى على اسكتشاته الفريدة بالرصاص منذ أن كان طالباً بالفنون الجميلة - حيث تخرج من قسم التصوير دفعة 1962 - وذكرياته مع الأساتذة درويش والجزار وحامد ندا وغيرهم، وعدته يومها أن أصدر له كتاباً بأعماله الرائعة، وسافر فى اليوم التالى للمشاركة فى ملتقى الأقصر الدولى، ليعمل ويستكمل إبداعاته حتى آخر لحظه فى عمره.. وداعا.. القلب الطيب والأصالة الفنية والابتسامة الصافية".
كما قال الفنان محمد عبلة، عبر صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعى: "مع السلامة.. يا جميل.. آخر يوم شاهدتك فيه كانت فى حديقة نقابة التشكيليين واتكعبلت.. ووقعت على الأرض.. وقلت للى بيحاول يساعدك.. جميل هايقوم لوحده...وقمت.. مع السلامة أيها الفارس الجميل".
المكان الذى يحب الجلوس فيه
وكانت الفنانة سوزان شكرى، روت ممن قبل التفاصيل الأخيرة فى حياة الفنان جميل شفيق، عبر صفحتها الرسمية عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، قائلة: منذ جاء وهو يعانى من التعب لكنه تمرد على تعبه وأصر أن يرسم.. كان يبتسم كلما رآنى أحمل أوراقى وأقوم بجولتى اليومية على فنانى الملتقى ويقول لى " أبلة الناظرة" !!.وقمنا أنا وبعض فنانى الملتقى بزيارته فى غرفته كان جالسا على سريره وخلفه يضع راديو يسمع أم كلثوم وحين دخلنا غرفته ابتسم وقالنا: متشكر قوى على الزيارة ..! وقولت له: ياعم جميل يا جميل أنت تعبان إيه رأيك تسافر....قالى: بكرة يا سوزى هاخف وهاسافر" ..وقولت له : ماشى ياجميل ياللا نام والصبح هاطمئن عليك ".. تركنا جميل وهو الوحيد الذى كان يعلم موعد رحيله".
الكرسى الذى كان يجلس عليه
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة