لو أراد المصريون أن يضربوا المثل بعلاقة لمصر مع دولة عربية أخرى، فلن يترددوا لحظة واحدة فى اختيار العلاقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بوصفها الأهم والأعمق والأوفى والأكثر نضجا وفنا فى إدارتها، منذ أن تأسست الإمارات كدولة قبل 45 عاما.
الإمارات فى هذا العمر نموذج للنجاح فى إرادة التوحد والتكامل الذى أرسى دعائمه آباء الدولة المؤسسيين، بقيادة الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله أول حاكم للدولة، هى أسست دعائم نموها وتقدمها وتطورها على فهم عميق للعوامل الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ نشأتها عام 1971، وفى نفس الوقت وعت تماما ارتباط تلك العوامل بالظروف الإقليمية والدولية المحيطة بها، وكان لشخصية الشيخ زايد، رحمه الله، تأثيرها القوى والفعال فى ترجمة الانحيازات السياسية للإمارات على الأرض، وظل البعد العربى هو أهم ما فيها، وكانت مصر فى قلب هذا.
يمكن ذكر أمثلة لا حصر لها فى التأكيد على الدور الفعال للإمارات فى مجالها العربى، وأشهرها موقف الشيخ زايد فى قطع البترول العربى عن الدول الغربية المؤيدة لإسرائيل أثناء حرب 6 أكتوبر 1937، مما أحدث هلعاً فى الغرب، وتأكيدا على أن للعرب قوتهم حين يريدون استخدام أوراق الضغط التى بحوزتهم.
وحين اختار السادات طريق السلام مع إسرائيل تجمدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فى ظل الرفض العربى لهذا النهج، وكان رفضها لهذا النهج ترجمة أمينة أيضا لمواقفها العروبية ومساندتها لنضال الشعب الفلسطينى، وحين عادت العلاقات بعد ذلك بقرار من القمة العربية فى أواخر ثمانينيات القرن الماضى أثناء حكم الرئيس مبارك جاء الاندفاع الهائل من الإمارات نحو مصر، وكأن قيادتها العظيمة ممثلة فى الشيخ زايد تريد تعويض ما فات من سنوات القطيعة فى دعم مصر، فرأينا عشرات المشروعات الإماراتية فى أرجاء مصر، وبعضها يحمل اسم الشيخ زايد.
تواصل الإمارات بقيادتها الحالية فى علاقتها مع مصر السير على نهج الآباء المؤسسين، ويظل موقفها المساند لمصر بعد زوال حكم جماعة الإخوان نموذجا فى الوفاء والوعى بقيمة أن تبقى مصر كما هى رائدة فى محيطها .
فعلت الإمارات كل هذا دون أن نسمع فى يوما ما، أنها رهنت ذلك بشروط ذكرتها فى الغرف المغلقة، فتحية لها فى يوم تأسيسها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة