سليمان شفيق

المطران بفنوتيوس.. أربعون عاماً من التنمية والتنوير

الأحد، 04 ديسمبر 2016 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فيلسوف ولاهوتى مثير للجدل لاستنارته التى تخطت حواجز كبيرة وسببت له تحديات كبرى

 

وسط موجات ومحاولات إثارة «الفتن الطائفية»، والخلافات والاختلافات اللاهوتية، لا يفقد سلامه، ولا تسامحه، ومازال المطران بفنوتيوس لأربعة عقود قادرا على التنمية الروحية والإنسانية والاجتماعية، شيخ وقور للوهلة الأولى يبدو كأحد رهبان برية شهبت فى القرن الرابع الميلادى، «هادئ لا يصيح ولا يعلو صوته، قصبة مرضوضة لا يكسر، وفتيلة مدخنة لا يطفئ»، ناجى شكرى مرقص، فى القاهرة 1946 الطفل الذى ولد من أسرة عريقة بأحد أحياء القاهرة الراقية مصر الجديدة، توافرت له كل أركان الثراء منذ نعومة أظافره، وكان متفوقا فى دراسته حتى حصل على بكالوريوس الطب والجراحة 1971، إلا أن ثروته وعراقة عائلته لم تقف حائلا أمامه لكى يقتدى بالأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة المصرية، فترك الدكتور ناجى العالم 1972، واتجه إلى دير العذراء السريان وترهبن فى 12 مارس من نفس العام باسم الراهب أنطونيوس السريانى، ولزهده وروحانيته رسم قسا فى 30 مارس 1975، ونال درجة القمصية بيد البابا شنودة الثالث فى 4 يونيو 1976، وأشرف على الرعاية الطبية لرهبان الدير.. وفى يونيو تمت رسامته أول أسقف لإيباراشية سمالوط.. وفى 16 فبراير 2016 تمت رسامتة مطرانا لسمالوط.. فكان خير راعٍ لسمالوط، كل سمالوط لا يميز بين مسلم ومسيحى.
 
سمالوط ثالث أكبر مدن مصر، مليون نسمة، وبها أكبر عدد من القرى والتوابع، تجمع آثارا من مختلف العصور، من بنى خالد نقلت أحجار الأهرامات، وبها معبدان فرعونيان «البابين وحتحور» أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، كما يوجد بها دير العذراء بجبل الطير، الذى عاشت به العائلة المقدسة، ويزوره مليونا مواطن مسلم ومسيحى سنويا، وبسمالوط أقدم مسجد فى الصعيد «الشيخ جنيدى» 978م، وتعد المركز التجارى الأول بالمحافظة والأعلى تعليما، ولكن المركز يعانى من نقص الكثير من الخدمات، لذلك منذ وصول الأنبا بفنوتيوس لسمالوط بدأ فى تأسيس صرح عظيم ضمن نهضة تنموية ضمت مدارس العهد الجديد «ابتدائى، إعدادى، ثانوى» مختلطا، ويعد خطة لتطوير جبل الطير بقرية دير العذراء لإقامة مجمع مدارس مهنية على غرار «الدومباسكو» إضافة لمستشفى وشاليهات للسياحة ومحرقة للقمامة، ويستعد للمزيد من الخدمات للوطن وسمالوط، مسلمين ومسيحيين، وفى مقدمتها مستشفى الراعى الصالح، هذه المبادرات من قبل الأسقف والكنيسة استطاعت أن تسد الفراغ الذى تعجز عنه الحكومة، ولذلك وسط حرائق الإرهابيين فى أغسطس 2013 لم تمس كنيسة أو بيت خدمة أو مستشفى أو مدرسة لأن ذلك المطران لديه رؤية تنويرية تخدم الجميع.
 
ضمن تلك النهضة صرح كبير هو مستشفى الراعى الصالح الذى يحوى 13 سريرا، خمس غرف عمليات مجهزة على أعلى مستوى، جراحات المناظير والقلب المفتوح والقسطرة، قسم القسطرة والقلب يجرى سنويا (1000) قسطرة تشخيصية وعلاجية وسبعين عملية قلب مفتوح، كما يوجد جراحات أورام وجهاز هضمى وستة أماكن مجهزة للعناية المركزة، قلب وكلى وأمراض كبد، تخدير، مخ وأعصاب، أمراض صدرية، كما يضم المستشفى أجهزة أشعة متطورة «مقطعية ورنين مغناطيسى... إلخ» وأقساما للرمد والعلاج الطبيعى و17 حضانة للأطفال المبتسرين مجهزة بأحدث الأجهزة، وطوارئ لاستقبال اللحالات الحرجة، ويعمل المستشفى 24 ساعة، وهو الأكبر فى الصعيد ويأتى إليه كبار الخبراء الأجانب والاستشاريين.
 
يعمل من خلال مؤسسات الإيباراشية حوالى 600 مواطن أغلبهم من الشباب، وتشكل النساء %60 من القيادات، بالمدرسة حمام للسباحة ونادٍ مفتوحين لأبناء سمالوط بغض النظر عن الدين أو الطبقة الاجتماعية، يربى أجيالا للمجتمع وللكنيسة، فليسوف ولاهوتى مثير للجدل لاستنارته التى تخطت حواجز كبيرة، وسببت له تحديات كبرى ولكنه لا يهاب إلا ضميره، إيبارشيته تضم متحفا لوثائق ومعاهد لاهوتية وتعد الكنيسة منارة للتنوير والتنمية الروحية والإنسانية، أب وراعٍ وراهب ومطران وخبير تنموى يعمل فى صمت وتواضع ومحبة وبلا ضجيج، الأمر الذى يجعله يسير بسفينة إيباراشيته نحو النور والاستنارة مهما اشتدت العواصف والأنواء. تحية لهذا المطران التنموى التقدمى فى الذكرى الأربعين لرسامتة أسقفا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة