يظل الحديث عن الإسلام السياسى فى منطقتنا العربية طرحا مهما دائما لا يفقد قضيته أبدا، نظرا لطبيعة المكان والبيئة التى يعد الفكر الدينى جزءا أساسيا منها، خصوصا بعد أن جربت مصر وتونس نظام الحكم الدينى، وكان رد الشعبين على هذا الوصول ثورات وتظاهرات ضد القائمين به ووصفهم بالفشل فى إدارة شئون البلاد، ومن هنا جاء كتاب "مستقبل الإسلام السياسى فى الوطن العربى"، والذى يقدم حصيلة ووقائع ندوة عقدها مركز دراسات الوحدة العربية – الناشر - فى الإسكندرية ويقدم آراء عدد من الباحثين والمهتمين بالشأن العربى، هم توفيق السيف، وسعد الدين إبراهيم، عبد الوهاب الأفندى، ورضوان السيد.
يتجه الباحث عبد الوهاب الأفندى، فى بحثه "الإخوان المسلمون وتحدى (دمقرطة) الدين فى زمن مضطرب"، لتوضيح الخلافات داخل جماعة الإخوان، وهذه الخلافات أثرت على الجماعة والتنظيم، وأرجع ذلك لمحاولات القيادة العليا فرض سيطرتها والحيلولة دون أى حوار، كما أنه وصفها بـ"العجز عن الانفتاح وعدم القدرة على بناء التحالفات".
وأشار "الأفندى" إلى نقطتين مهمتين الأولى واجهت الجماعة فى فترة توليها السلطة، وهى "المواطنة"، مؤكدا أنه كان على الإسلاميين الاجتهاد أكثر لتوفير حل لمعضلة المواطنة، أما الثانية فكانت تتمثل فى ضرورة "نزع السياسة عن الدين".
أما الكاتب رضوان السيد فيؤكد فى "الإسلام السياسى ومسألة الشرعية فى المجتمع والدولة: الظهور والمآلات والمستقبل"، أن الشرعية فى نظر الإسلاميين الكلاسيكيين ترتبط بمفهوم السيادة، مشيرا إلى أن الخطور تكمن فى انتشار الإسلام السياسى فى المجتمع حتى لو فشل فى السلطة.
فيما أبرز الكاتب والباحث توفيق السيف، أبرز تحولات الإسلام السياسى فى السعودية، فى "تحولات الإسلام السياسى ومستقبله فى السعودية"، ويرى الكاتب أن مستقبل الإسلام السياسى فى المملكة ليس مبشرا أو مشرقًا.
فيما اعتبر الباحث الدكتور سعد الدين إبراهيم فى "خسوف الإسلام السياسى: الإخوان المسلمين نموذجا"، أن عام 2013 – عام عزل الإخوان من حكم مصر وذروة المعارضة ضد حركة النهضة فى تونس، بداية لما اسماه الخسوف لظاهرة الإسلام السياسى.
ولخص سعد الدين إبراهيم المشهد الصدامى للإخوان بثلاث نقاط، الأولى هى أن الجماعة كتنظيم سياسى وحيد هى التى استخدمت الدين وسيلة للسيطرة على السلطة، والثانية هو أن التنظيم السياسى الأول فى مصر الحديثة الذى لجأ إلى العنف لفرض إرادته على المجتمع والدولة، والأخيرة أنهم تمرسوا بتأدية دور الضحية، وإن من يستهدفهم هو عدو للإسلام والوطن.
ويرى الكاتب أن أخطر ما تمخضت عنه تجربة حكم الإخوان فى مصر، يتمثل فى مسألتين: الأولى: اتجاه الإخوان إلى تحويل مصر لـ"إمارة" ضمن دولة الخلافة، وهنا علق قائلا: "إن هذا الحلم مثل كل الأحلام الطوباوية غير قابل للتحقق فى القرن الحادى والعشرين"، أما المسألة الثانية فهى صدام الإخوان مع الدولة والمجتمع وما أفقدهم الشعبية التى كانوا يحظون بها إبان الثورة.
وحول كلام الدكتور سعد الدين إبراهيم يقول الدكتور على الدين هلال، إن كلام "إبراهيم" كان مبتكرا ومنطقيا، مشيرا أن انتهاء حكم الإخوان فى مصر وجه ضربة كبيرة إلى أحزاب وتنظيمات تيار الإسلام السياسى فى الوطن العربى.