يبدو أن الغباء صناعة إخوانية، فعلى مدار تاريخ الجماعة، تأكد أنها لا تستفيد من أخطائها، ولم تتعلم من تجاوزاتها ومشكلاتها وصداماتها السابقة مع الدولة واعتدائها على أمنها القومى، منذ تأسيسها قبل ثورة يوليو 1952 حتى الآن، وما زالت ترتكب نفس أخطائها القديمة بإصدارات ونسخ جديدة، لا يتغير فيها إلا الوجوه التى تقود التنظيم إلى الهاوية فى كل مرة، بينما الثابت هو التجاوز والخطأ والتضليل وتلاعب القيادات بالقواعد والتابعين.
مؤخّرًا فشلت جماعة الإخوان الإرهابية فى الترويج لملف التسوية بين قواعدها، بعدما أعلنت فى وقت سابق أنها بصدد طرح استفتاء داخلى للجماعة حول المصالحة والتسوية، إلا أن التنظيم لم يكن يعلم على ما يبدو أن هذه الخطوة كشفت لهم خداع قيادات الجماعة للقواعد، خاصة بعدما أوهمت القيادات شباب التنظيم بأنه لن تكون هناك تسوية أو مصالحة، ثم بدأوا التراجع عن هذه المواقف والتصريحات.
قطب العربى: دعوات إبراهيم منير تخصه وحده.. ولا وجود لمبادرات فعلية
رغم مرور أكثر من أسبوع على إعلان الجماعة طرح أمر التسوية لاستفتاء داخلى بين الأعضاء، إلا أنها تكتمت على الأمر، بعد أن شهدت هجومًا عنيفًا من القواعد، بعد أن روجت الجماعة لأنها ستواصل تحركاتها الداخلية والخارجية لتحقيق أهدافها.
وفى هذا الإطار، قال قطب العربى، القيادى الإخوانى، إن نغمة طرح ملف التسوية بدأت تتصاعد بسبب تصريحات إبراهيم منير، أمين التنظيم الدولى للإخوان، الذى أعلن أن الجماعة مستعدة لقبول المصالحة، ولكن فى النهاية ظهر أن هذه التصريحات بلا قيمة.
وأضاف "العربى" فى مقال له عبر أحد المواقع التابعة للجماعة الإرهابية: "خلال الأيام الماضية عادت موجة أحاديث التسوية تتصاعد مجدّدًا، خاصة بعد تصريحات أدلى بها إبراهيم منير، نائب المرشد العام للإخوان، أعلن فيها انفتاح جماعته على أى أفكار تحمل صورة واضحة وكاملة، وهى التصريحات التى فتحت الباب لتكهنات كثيرة حول احتمالات وجود وساطات أو مبادرات فعلية، وهو ما لم تثبت صحته".
وتابع قطب العربى مقاله، قائلاً: "رغم غياب المبادرات أو الوساطات الفعلية، إلا أن حديث إبراهيم منير شجع البعض على التفكير بجدية وبصوت جهورى فى خيارات التسوية، وإمكانيات حدوثها، وشرائط نجاحها، وحدود تنازلاتها، وضمانات تنفيذها، وسبقتها موجات أخرى على فترات متباعدة من قبل، واتضح أنها جميعا محض أفكار شخصية لمن طرحوها، ولا يملكون أدوات لتنفيذها".
فى السياق ذاته، طالب أحمد رامى، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة المنحل، قيادات جماعة الإخوان بالتوقف عن الأخطاء التى تصدر عنهم، قائلا فى تصريحات له :"كفى بالقائد أمران، حسن استغلال الفرص، وقلة الأخطاء، إذ إن رصيد الثقة يتآكل مع أخطاء القيادة".
قيادى منشق عن الإخوان: دعوات المصالحة تأتى من الهاربين العاطلين عن العمل
من جانبه، قال طارق أبو السعد، القيادى المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية، إن قيادات الجماعة المنقسمة، سواء مجموعة محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام، أو جبهة محمد كمال، ليسوا متوافقين على بعض القضايا، ومن ثمّ فإن كل منهم يريد جذب الصف القاعدى للإخوان إلى جانبه، وكل مجموعة تزايد على الأخرى.
وأضاف "أبو السعد" فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن أبرز مظاهر هذه المزايدة هى أنه كلما اتخذ طرف خطوة نقضها الطرف الآخر، وكلاهما يستخدم أدواته ويغازل المسجونين أو الهاربين خارج مصر، متابعًا: "مع كل دعوة للتصالح تخرج من بعض قيادات الجماعة، تبدأ خلخلة حائط الصد الكبير، وقد بدأت الأصوات تنادى بضرورة الحل، فكل هذه المبادرات لها فائدة واحدة، رغم مزايدة القيادات على بعضها البعض، وهى تجهيز الصف لقبول الوضع الرهن والتعامل معه، ما يعنى أنهم قاربوا على الاستسلام للأمر الواقع، فبعدما كان شعارهم، بكرة العصر مرسى راجع القصر، أصبح من الممكن التنازل عن مرسى وشرط عودته للحكم بصيغ مخففة، لا يُفهم منها التنازل التام، ولكن يُوضع فى الحسبان أنه يمكن العمل بدونه".
واستطرد القيادى الإخوانى المنشق فى تصريحاته، قائلاً: "الضغط من جانب بعض قيادات الإخوان للمصالحة، يتم من جانب المهددين دائمًا بإلقاء القبض عليهم، ومن الهاربين الذين لا يجدون عملا فى الخارج ويرغبون فى لم الشمل بعد التصالح".
باحث إسلامى: قيادات الإخوان يوظفون الدماء كأوراق لعب ومساومة
بدوره، قال هشام النجار، الباحث فى شؤون الإسلام السياسى، إن سبب إخفاق الجماعة فى ترويج ملف التسوية والمصالحة بين قواعدها، هو وقائع وأحداث الشهور والسنوات الماضية، لأن وقودها كان الشباب ممن سقطوا فى مواجهات دعا لها قادة الجماعة منذ الاعتصامات فى عام 2013 حتى اليوم، وبسبب التحريض والدفع بالمقابل لقتل رجال الشرطة والجيش ورموز الدولة، وفى حال التسوية فالسؤال هو كيف سيكون التعامل مع هذا الملف؟ وسيسأل الشباب عن جدوى الدماء، ما دامت النهاية ستكون النتيجة الرضوخ والتراجع والتنازل.
وأضاف "النجار" فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن شباب الإخوان ينظرون للمواجهة من زاوية كونها صراعًا صفريًّا وجوديًّا لا ينتهى إلا بالفوز أو القضاء على أحد الفريقين وهزيمته، بينما يوظف القيادات الدماء كأوراق للعب والمساومات والضغط والتسويق الدعائى، بعناوين المظلومية والترويج، كما أن الشباب يشعرون بأن ذهاب القيادات للتسوية وتقديم تنازلات إنما يأتى فقط بغرض الحفاظ على مناصبهم ومراكزهم داخل الجماعة، وتقديم أنفسهم على أنهم الطرف الداعى للتهدئة ووقف العنف، والقادر على إنهاء التمرد داخل التنظيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة