انتهى مؤتمر حركة فتح السابع كما بدأ، فلا جديد طرأ على المجتمعين، نفس الشخصيات ظلت كما هى دون تغيير، بقى محمود عباس أبومازن على رأس الحركة، وبالتبعية السلطة الفلسطينية، وبقى معه رجاله المخلصون، وتم إغلاق الحركة على معارضى أبومازن، فهم ممنوعون من الممارسة السياسية، وليس لهم الحق فى أى شىء، لأنهم خارج دائرة الحظوة العباسية.
تعامل أبومازن وبقية أعضاء الحركة مع المؤتمر الذى عقد فى رام الله الأسبوع الماضى على أنه فاتحة خير لحل الأزمة الفلسطينية، وتم الترويج له داخليًا وخارجيًا من هذا المنطلق، وزادوا على ذلك بدعوة شخصيات عربية ودولية للحضور، ومتابعة الحدث الخطير الذى ينتظره الفلسطينيون والعرب من المؤتمر الذى تأجل عقده عدة مرات، مما أحدث تشويقًا لدى المتابعين، انتظارًا لما سيسفر عنه من نتائج، وزاد من هذا التشويق أحاديث أبومازن السابقة بأنه سيتم الإعلان خلال المؤتمر عن المتورطين فى مقتل الزعيم الراحل ياسر عرفات، فتوجهت الأنظار كلها إلى رام الله فى انتظار الجديد، والمفاجآت التى وعد بها عباس الجميع.
انعقد المؤتمر، وانفض الجمع، وخاب ظن المنتظرين، فلا جديد حدث، ولا شخصيات تبدلت، بل كان المؤتمر مناسبة وحيدة لتثبيت المتشبثين بالسلطة، والرافضين للمغادرة، رغم أن الرفض لوجودهم طال غالبية القطاعات الفلسطينية، لكنهم لا ينظرون لأحد إلا لأنفسهم فقط.
ظن البعض أن هذا الترويج الفتحاوى العباسى للمؤتمر السابع ستنتج عنه قرارات مصيرية ومهمة فى مسيرة القضية الفلسطينية، وأن المجتمعون سيتفقون على خارطة طريق واضحة المعالم للخروج من الوضع الراهن الذى يشهد تجميدًا حتى للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، واستمرار الحكومة الإسرائيلية الحالية فى خططها الاستيطانية، خاصة أن الظروف قد تكون مناسبة الآن لكى تحدد فلسطين طريقها المستقبلى، فى ظل تغيرات حدثت على الإدارة الامريكية، وأخرى متوقعة فى فرنسا، وانهماك بريطانى فى الوضع الداخلى، لكن يبدو أن هذه التغيرات لم تصل إلى مسامع قيادات «فتح»، فقرروا الصمت والاكتفاء بالشعارات المعتادة، والأحاديث التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، وكأن القضية لم تعد تعنيهم فى شىء.
ظن البعض أيضًا أن قيادات فتح سيحاولون الاستفادة من تجمعهم فى رام الله، للحديث عن ضرورة بدء صفحة جديدة مع بقية الفصائل الفلسطينية، وإنهاء الخلاف الفلسطينى الداخلى، والبدء فى المصالحة، لأن الوقت لا يحتمل مثل هذا الشقاق والخلاف بين الأشقاء، وبدلاً من ترك «حماس» رهينة فى يد من يحاول أن يدفع لها أكثر، فمن المهم استيعابها.. لم يأت المجتمعون بجديد فى هذا الملف، وتفسيرى الوحيد لذلك هو أن أبومازن لا يريد أن يسير على عكس ما تريده قطر، التى يعتبرها حاليًا الراعى الرسمى والمالى للمصالحة الفلسطينية، فليس مهمًا أن يقول الفلسطينيون رأيهم فى ملف المصالحة، مادامت أموال قطر قادرة على أن تفعل أكثر تأثيراتها، أعمق من الفلسطينيين أنفسهم.
ظن البعض أيضًا أن يفتح المجتمعون ملف المبعدين عن الحركة قسرًا، ومحاولة استيعابهم داخل الحركة، لكن هذا الملف يزعج أبومازن ورجاله كثيرًا، فلم يستطع أحد الاقتراب منه، وبقى كما هو دون جديد.
هكذا انتهى المؤتمر كما بدأ، الشىء الوحيد الجديد فيه أن هناك ملايين من الدولارات أنفقت على عقده، واستضاف وفودًا أجنبية وعربية لم ترَ للأسف إلا مسرحية هزلية، أبطالها ظلوا يتراقصون لخمسة أيام على منصات المؤتمر، يغازلون هذا ويمدحون فى ذلك، دون أن يلمس أحد منهم القضايا الأساسية التى تهم المواطن والقضية الفلسطينية.. انتهى المؤتمر الذى أعتقد أنه بداية النهاية لحركة نضال تاريخية اسمها «فتح»، حولها القادة الحاليون إلى ما يشبه الجسد الميت الذى ينتظر من يدفنه.