دول الخليج ست، هى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر، بينهم تعاون سياسى واقتصادى مهم، ومجلس عقد أمس وأمس الأول قمته السابعة والثلاثين بالبحرين بحضور قادة الدول الست الذين عقدوا قمة أخرى على هامش قمتهم الخليجية، مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى التى تحاول الدفع نحو توقيع اتفاقات تجارية جديدة مع دول الخليج فى أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى.
وبخلاف القمة الخليجية يقوم العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز، بجولة «خليجية» بدأها بالإمارات ثم قطر وبعده البحرين، وسينهيها غداً بالكويت، بما يشير إلى أن سلطنة عمان خارج إطار هذه الجولة، وهو ما أثار تساؤلا مهما حول خروج السلطنة من جولة ملك السعودى، وأسباب ذلك، وهل للأمر صلة بالعلاقات السعودية العمانية؟
بالتأكيد فإن العلاقة بين الرياض ومسقط ليست بالسخونة التى تشهدها علاقات الرياض ببقية العواصم الخليجية، ومرجع ذلك إلى اختلاف الرؤى والمواقف بين السلطنة والسعودية حول عدد من الملفات الإقليمية والخليجية أيضاً، منها على سبيل المثال الموقف من الأزمة السورية والوضع فى اليمن، وفوق ذلك طبيعة التعامل مع الملف الإيرانى، فالسعودية شأنها فى ذلك شأن بقية دول الخليج يتعاملون مع إيران على أنها أكبر مهدد لدول الخليج، وأنها العدو الأول لهم الذى يجب مواجهته بكل السبل والطرق، بينما تنتهج السلطنة سياسة أكثر انفتاحا مع إيران ظهرت من رعايتها للاتفاق الذى توصلت له القوى الكبرى مع طهران حول البرنامج النووى، كما أن السلطنة بخلاف السعودية لا تتعامل بمنطق الخصام المطلق، بل ترى أن الانفتاح على الجميع يؤمن لها مساحة مناسبة للتدخل لابتكار الحلول والخروج من أى مأزق قد تواجهه مستقبلاً.
بجانب الاختلاف فى السياسات السعودية العمانية حول القضايا الإقليمية فهناك أمر آخر يجب وضعه فى الاعتبار وهو موقف السلطنة تجاه المقترح السعودى بتحويل مجلس التعاون الخليجى إلى اتحاد، فالسلطنة ترفض هذا المقترح، بل وهددت على لسان وزير خارجيتها، يوسف بن علوى بالانسحاب من الاتحاد الخليجى حال الاتفاق عليه، وهو ما عمق الخلاف فى الرؤى بين البلدين، وكانت نتيجته برود فى العلاقات، حتى وإن كانت هناك لقاءات تتم فى العلن بين مسؤولين سعوديين وعمانيين، لكنها لا تخفى الخلاف بين البلدين الذى يؤثر على حجم التعاون الخليجى وشكله الذى يحتاج لتكاتف جميع دوله.
بالتأكيد هناك قضايا شائكة ومعقدة تواجه الدول الخليجية الآن، وهو ما ظهر من كلمات قادة الخليج فى قمتهم بالبحرين، التى قال خلالها العاهل السعودى «لا يخفى على الجميع ما تمر به منطقتنا من أمور بالغة التعقيد وأزمات بما يتطلب منا جميعا العمل معا لمواجهتها والتعامل معها بروح المسؤولية وتكثيف الجهود لترسيخ الأمن والاستقرار فى منطقتنا»، وتطرق إلى «الواقع المؤلم الذى تعيشه بعض البلدان العربية من إرهاب وصراعات داخلية، وتدخلات سافرة مما أدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيها».
كما تحدث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح خلال القمة عن «متغيرات دولية متسارعة وأوضاع صعبة تتطلب تشاورا مستمرا وتنسيقا مشتركا لدراسة أبعادها وتجنب تبعاتها لنتمكن من تحصين دولنا من تبعاتها»، وقال الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين «يأتى اجتماعنا هذا، فى ظل ظروفٍ سياسية واقتصادية غير مسبوقة تواجه دول العالم أجمع، الأمر الذى يتطلب منا أعلى درجات التعاون والتكامل، ليحافظ مجلسنا على نجاحه المستمر ودوره المؤثر على الساحة العالمية».
فأحاديث قادة الخليج كلها أشارت إلى وجود أزمات تتطلب تكاتف دول الخليج والتجاوز عن الخلافات الثنائية، وهى على ما يبدو رسالة واضحة لكل ذى شأن وفى المقدمة المملكة المطالبة حالياً بتبنى سياسات جديدة أكثر واقعية فى التعامل مع الأشقاء والجيران حتى تستطيع المنطقة عبور المرحلة الراهنة المليئة بالتحديات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة