نقل وزراعة الأعضاء عملية إنسانية لإنقاذ حياة المرضى، تتحول إلى قتل الأحياء. ينقذ الطبيب حياة مريض بقتل آخر. الخيط الرفيع بين القتل والإنقاذ، أن البعض يحول الطب من مهمة إنسانية إلى تجارة، فى غياب قانون، يضمن حياة الجميع.
هذا الخيط الرفيع يظهر فى قضية تجارة الأعضاء المتهم فيها أطباء وممرضون ومراكز ومستشفيات خاصة، وعملية سمسرة يشترون حياة الفقراء لإنقاذ القادرين على الدفع، مستغلين عدم وجود تشريع، ينظم عملية التبرع، وتوفير الأعضاء من الموتى للأحياء، بالطبع هذا لايبرر الاتجار، والسمسرة فى أعضاء البشر، لكنه يفتح ثغرات ينفذ منها التجار والسماسرة. غياب القانون وضعف العقوبات على الاتجار جعل مصر من أكبر الدول فى هذه التجارة التى يشترى فيها الأثرياء من خارج مصر حياة الفقراء، ولا توجد عقوبات رادعة.
ومن المفارقات أن الدول التى تحرم نقل الأعضاء هى أكثر الدول التى تروج فيها تجارة الأعضاء غير المشروعة، أو يلجأ مواطنوها للبحث عن أعضاء يشترونها، وتتعطل التشريعات بناء على فتاوى تحرم نقل الأعضاء، بينما يسافر نفس الدعاة أصحاب الفتاوى للعلاج فى الخارج، ليطلبوا ما حرموه على الناس.
مواجهة الاتجار غير المشروع بالأعضاء، تتطلب قوانين يضعها الخبراء والعلماء من دراسة تجارب الدول التى تنظم هذه العمليات، الدكتور مجدى يعقوب، حكى فى أكتوبر الماضى قصصا عن أهمية نقل وزراعة الأعضاء، وكيف توفر دول العالم قوانين وتشريعات صارمة، لتنظيم هذه العمليات وفى النهاية يتم توفير الأعضاء من الموتى لإنقاذ المرضى، وحكى الدكتور يعقوب أنه رأى مريضين أجرى لهما عملية زراعة قلب وكانا يشرفان على الموت قبل 32 عاما، عاشا وواصلا حياتهما، بعد أن حصل كل منهما على قلب تبرع به مواطن إنجليزى قبل موته.
يقول الدكتور يعقوب، إن زراعة القلب والكلى تنقذ حياة أطفال وكبار، والدستور المصرى الحالى ينص على أن «زراعة الأعضاء هبة الحياة وواجب على كل مواطن»، الأمر بحاجة إلى قانون لتفعيل الدستور.
وعن تجربته فى مركز القلب يقول الدكتور يعقوب: «نرى أطفالا يعانون ويموتون ونستعمل صمامات آدمية، ونشحت من إنجلترا وأمريكا لكنهم طلبوا منا أن ندفع 3 آلاف دولار، ووصل السعر 15 ألف دولار لكل صمام.. وكل شعب لازم يساعد نفسه ولا نعتمد على شعوب أخرى»، ويؤكد أنه ربما لا يستطيع الحصول على صمامات لإنقاذ قلوب الأطفال والمرضى، ما لم تكون هناك قوانين تشرع وتنظم هذا.. القانون ينقذ الجميع.