لأسباب «شخصية» عديدة، ووقائع «شخصية» مختلفة وعلى فترات متباعدة من عمرى، ولد بداخلى خوف حقيقى من أى شىء يقرب بينى وبين أى «مستشفى» فى مصر، الخبرات السيئة مع أهل الطب فى بلدنا جعلتنى أتهيب من المرض بشكل مضاعف، ما تراه يوميا يجعلك توقن بأن المسمى الصحيح للمستشفيات هو «مستمرضات»، فيدخل الواحد إلى تلك المنشآت مريضا بمرض، ويخرج وهو محمل بما لا طاقة له به من أمراض، ناهيك عن فقر الضمير الذى يعانى منه العاملون فى هذا المجال بشكل يجعلك تتساءل: هل هؤلاء فعلا «ملائكة الرحمة أم زبانية العذاب؟».
لا أريد هنا أن أقع فى خطأ التعميم، وأعرف بالطبع أن فى كل مهنة شرورها وشرارها، لكن الأزمة تتضح أكثر إذا ما تعلق الأمر بالطب، لأنه مرتبط ارتباطا مباشرا بالحياة وإنقاذها، وللأسف فقد أصبح المرض فى مصر «على المشاع»، وأصبح الشفاء فى مصر محض مصادفة.
وللأسف أيضاً فأن الأزمة الحقيقية ليست فى الإمكانيات فحسب، وإنما فى «الضمير»، وهو ما نراه واضحا جليا فى تلك الكارثة التى وقعت فى محافظة كفر الشيخ التى تم فيها اكتشاف بؤرة من بؤر مرض نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، حيث تأكد إصابة ثلاثة من سكانها بالمرض نتيجة الاتصال الجنسى، وللأسف فإن هناك احتمالا كبيرا بأن يرتفع هذا العدد بشكل قد يخرج عن السيطرة، لأن السيدة الأولى التى تم اكتشاف مرضها بالإيدز كانت تقوم بغسيل كلى بشكل متكرر بذات المستشفى، وهو ما جعل العاملين يصابون بالهلع، وسط انتشار أنباء عن تأكد إصابة أشخاص آخرين.
للأسف فإن تعامل الحكومة مع هذه الأزمة ينبئ بأننا ربما نفيق على كارثة، فوزارة الصحة سارعت بنفى وجود عدوى، كما سارعت أيضا بنفى وجود خطورة على ماكينات الغسيل الكلى، ولم تخبرنا الحكومة بما فعلته لتتأكد من هذين الأمرين، كما لم نسمع عن اتخاذ إجراءات حازمة لمحاصرة هذه البؤرة وتعقب جميع المتصلين اتصالا مباشرا بالمرضى، ولم تجر المستشفى الفحوصات المناسبة على من خضعوا لغسيل كلوى بعد المريضة التى تأكد إصابتها، وهو ما يؤكد أن الإهمال الحكومى المزمن لا يفرق بين أخطر الأمراض وأهونها، بل إنه يجعل أهون الأمراض «خطرا» فما بالنا بالأمراض الخطيرة أصلا.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
الدكتور مصطفى فهمى
لماذا لم تعتذر بعد ما أستعجلت و قلت ما قلته فى حق الشرطة بعد القبض على أسلام بالأمس !!