منذ عقود من الحكم المستبد وتراكمات أمراضه حتى المشهد الآنى، جثم على أنفاسنا مفسدون كثر يهددون الوطن وهو يحاول أن يتعافى من أضغاث الماضى وينهض على قدمين ثابتتين ليعدو نحو التقدم، فهؤلاء المفسدون يتناوبون على محاولات إزهاق روح الوطن ودحرنا نحو مجهول يخيم عليه السراب والظلمات، فيقاتلون سعيًا نحو مرادهم وغاياتهم، فيركضون كوحوش البرية لنهش جراح الوطن الغائرة التى ضمدها الشعب المصرى فى الـ30 من يونيو لنرى مصر اليوم ممزقة بينهم.
فهناك من يميلون لمبارك تعصبًا فينكرون أخطاءه ويغضون الطرف عن أبناء نظامه الفاسد والبيروقراطية والمحسوبية التى نُحتت فى جدران الوطن على كل الأصعدة فتصدع وكاد أن ينهار لولا أن أتت ثورة 25 يناير حاملة انفراجة لوضع متأزم بات مغلقا كلعبة الدومينو، فالتجريف الممنهج طال الجميع حتى لا يبقى فى الوطن كيان يتطلع إليه الناس كبديل للحزب الوطنى أو شخصية نصبو إليها كبديل لمبارك، فغلق الحياة السياسية والفروق الشاسعة بين الطبقات فى ظل نمو اقتصادى كبير وسوء عدالة فى التوزيع كانت مهددات فى صميم الأمن القومى كادت أن تلقى بالوطن نحو الهاوية، فالمتعصبون لنظام مبارك بعضهم أصحاب المصالح الذين تضرروا سياسيا أو ماليا أو اجتماعيا من زوال نظامه، وبعضهم لا يحبون الوطن إلا من خلال مبارك ورجاله فتمتزج وتترادف معانى الإخلاص وحب الوطن مع حب مبارك والوفاء له، مستدعين لمبارك بطولات عسكرية لا علاقة لها بأدائه السياسى، فهؤلاء لا يتوانون عن تحقيق مأربهم ولو فيه خراب الوطن.
لنأتى للإخوان وهم نسل نجس، تجسيد حى لعقوق الوطن، بذرة الشر التى فرعت أغصان الفتنة أهل النفاق فى كل العصور منذ تأسيس الجماعة وحتى اليوم، فالخسة هى أسمى مبادئهم، والكذب أسهل وسائلهم، فالدين والوطن والهوية والعرض لا وزن لها ولا قيمة فى مقابل غايتهم دولة الإخوان، هذا الشبق الممتد عبر أجيال الجماعة لا يستكين ولا يتوقف فيسيل لعابهم للسلطة ليدنس أرض مصر الطاهرة، فالجماعة ليست مجرد كيان فحسب، وإنما منهج وأسلوب حياة ونظرة دونية للمجتمع، فمن المستحب ألا يتزوج الإخوانى إلا من بنات جماعته ليكونوا أسرًا وعائلات تضمن تماسك الجماعة وتوارث مقدساتها بالنقل من جيل إلى جيل فيحفظوا عن ظهر قلب كتابهم المقدس وصايا نبيهم البنا وتعاليمه، فلا تخلو جعبتهم من عباءة الدين واللحى المصطنعة ولسان الغنة ليدغدغوا مشاعر البسطاء بأسمى ما يمسهم، الدين، ويروجوا لبطولات زائفة فى نصر الإسلام والجهاد فى سبيله ويقصوا تاريخهم الكاذب عن مظلومية عاهرة تعرضوا لها على يد الجميع فهم مدعو الاضطهاد فى كل العصور، فالآن قد غاب ما لدى الجماعة من جزيئات العقل، فمازال أبناؤها يحاولون الدفع بالوطن نحو الهلاك لا تفارقهم نزعة الانتقام من مجتمع لفظهم فاستحق الرجم حتى الموت أو الإذعان لإرادة الجماعة وغاياتها ولو بعد حين، مستعينين بالأراذل، قوى وحكومات متواطئة تعشمت فى الجماعة ومازالت، لإسقاط مصر، ليهبوا عليها ممزقين الوطن إربا بلا أى وازع من ضمير.
أما المتحذلقون ثوريًّا لقطاء الجهل والمزايدة مدعو الثقافة فهم الفاشيون الجدد فلا يجوز أن تخالفهم الرأى فيستبيحوا عرضك وسمعتك تلك هى ديمقراطيتهم، فحرية الرأى ملكهم فحسب دون غيرهم، محتكرون للثورة فيمنحون أكثرهم تطرفا صك الثورية وتاج الزعامة، ومن اختلف معهم موصوم بالردة الثورية والعمالة لأعداء الثورة دون إدراك أنهم أعداء الثورة الحقيقيين والوبال على مقدراتها، فهم المدخل الممهد لضرب سمعة ثورة يناير دون أى عناء، كيف لا وهم مطعمون بذوى العلاقات المريبة بمنظمات مجتمع مدنى مشبوهة أسست فى عهد مبارك لاسترضاء الأمريكان فى إطار الاستراتيجية الأمريكية لاستخدام ما سموه بالحرب الذكية للسيطرة على الشرق الأوسط وإعادة تقسيمه بدون استخدام آلة الحرب الأمريكية وتكبد مليارات الدولارات، كما حدث فى العراق، فقد حققت الحرب الذكية بالفعل نجاحات فى ليبيا وسوريا واليمن وباتت هذه الدول فى حروب داخلية لن تنتهى إلا بنخر كل أعمدة الدولة حتى تسقط فيأتى التدخل الدولى بقيادة أمريكا للتسوية وفق خريطة الشرق الأوسط الجديد، ورغم أن مصر كانت ومازالت فى مرمى نيران هذه المخططات فإن المتحذلقين ثوريا أغشوا فلا يبصرون، خبلوا فلا يدركون، صموا فلا يسمعون، فما بين هؤلاء المفسدين من يدفع الثمن، سوى مصر وأبنائها المخلصين ليبقى بصيص أمل فى أن نرى نور المستقبل بعيدًا عن ظلمة الممزقين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
و اين الغالبية العظمي من شعب مصر