كنا نتحدث عن اعتراف وزارة النقل بالفشل فى إدارة ملف السكك الحديدية، وإعلان الاستعانة بشركة عالمية تدير القطارات، من خلال مكاتب استشارية ودراسة يدعمها البنك الدولى، هناك مخاوف من أن يكون هذا بداية الخصخصة، وبالفعل هناك دول فى أوروبا تستعين بشركات أخرى لإدارة منظومتها، وكانت هناك تجربة للخصخصة فشلت، لكن بقيت فكرة فصل الإدارة عن الملكية فى المرافق والخدمات، ولم ينته الأمر حتى وقع حادث انقلاب قطار عند بنى سويف، ليكشف من جديد عن منظومة الفوضى، وأن النجاة هنا استثناء، والقاعدة الكوارث، مع ملاحظة أن أى تطوير أو تحديث من شأنه أن يتعلق برفع أسعار هذه الخدمات، وهناك جدل عقيم فى هذا الإطار، فهناك من يرفض رفع سعر تذكرة مترو الأنفاق إلى جنيهين أو ثلاثة، بينما التوك توك يحصل على 5 جنيهات فى توصيلة قصيرة، هذا رأى المسؤولين، وزير النقل يضيف إلى ذلك بالقول: إن التوك توك يربح أكثر من القطارات.
وهناك دائما مقارنة بين أوروبا والدول المتقدمة من جهة والدول العاجزة الفاشلة عن الإدارة من جهة أخرى، البعض يطالب بنظام نقل وخدمات زى أوروبا، ويرد المسؤولون: يجب رفع السعر إذا أردنا تحسين الخدمة، يرد المعترضون: الدخل عندنا ليس هو الدخل فى أوروبا، ولا يمكن أن تكون نفس الأسعار، يرد المسؤول: بالطبع لن نرفع الأسعار مثل أوروبا وإنما نسبيا.
هناك من يرى الأزمة فى الإدارة، والفشل حسب اعتراف وزير النقل، وقد مر على السكك الحديد وزراء ومسؤولون ورؤساء هيئة من دون نتيجة، وهل يمكن أن تكون الاستعانة بشركات عالمية هو الحل؟ هناك تجربة المترو والإدارة الفرنسية، التى فرضت عليه نظاما منضبطا، ولما رحلت عادت الأمور أقل مما هو قائم، لكن المترو حتى الآن يعتبر ناجحا مع بعض العيوب فى الإدارة، والعجز عن توظيف الإمكانات، واستغلال المحطات كما هو معروف فى الخارج.
وزير النقل قال: إنه لا توجد منظومة للأمان فى القطارات والنقل، ويمكن أن يقع حادث فى أى وقت، البعض يرى هذا تبريرا أو من يراه اعترافا يفترض أن تقوم عليه خطط ودراسات تحدد المشكلة، وتضع الحل، وهو ما يرى الخبراء أن الأنسب الاستعانة بمكاتب استشارية تدرس وترى وتعاين وتقرر ما المطلوب، وبعدها نبدأ الحل، أما الحلول الموضعية والترقيع يضيع مليارات بلا فاعلية.
ما يجرى فى القطارات ينطبق على كل مناحى الإدارة، الفشل فى القطارات مع أننا تجاوزنا القرن، وكنا من أوائل الدول التى قامت فيها السكة الحديد، وتبقى الأزمة مستمرة، فى زمن التوك توك.