استقبل المصريون خبر استحداث دولة الإمارات الشقيقة لوزارة جديدة من نوعها تحت مسمى (وزارة السعادة) بردود أفعال متباينة ما بين ساخراً من الفكرة ومتمنياً لوجودها على أرض مصر ومتحسراً على هذه المسافة الطويلة التى تفصلنا عن تلك الرفاهيات التى سبقتنا إليها دولاً صغيرة تبدلت أحوالها إلى الانطلاق السريع فى وقت قياسى لم نقو نحن على اللحاق بخطواتً قليلة منه حتى الآن !
حتى أن مواقع التواصل التى تعمل بشكل أساسى على استخدام كافة الأخبار والأحداث الهامة كمادة للسخرية لجذب المتابعين والحصول على نسب كبيرة من الإعجاب الذى يساوى لدى تلك الصفحات التافهة مكاسب مادية مباشرة !
لكنها يا أعزائى ليست مادة للسخرية والقفشات الفيسبوكية، ولكنها مدعاة للتأمل والوقفة مع النفس لمراجعة الحسابات التى قد تكون فى معظمها خاطئة.
الأمر بسيط جداً إن خلصت النوايا جميعها وتشابكت الأيدى وتوحدت الأهداف على نفض عوامل الإحباط التى يتكأ عليها المواطن ليتخذ منها ذريعة مستمرة للكسل وتكبير الدماغ حسب لغة العصر الحديثة !
ما الذى يمنع مصر من تحقيق نهضة سريعة فى وقت قياسى أسوة بدول كثيرة قد عاصرنا نقلتها السريعة وتبدل أحوالها من حال إلى آخر مختلف شكلاً وموضوعاً، اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً على سبيل المثال (إندونيسيا والهند وتايلاند والإمارات العربية)، فكل من المواطن والدولة قررا عقد اتفاق ضمنى على أن يعاون بعضهما الآخر ولا يدخر جهداً فى سبيل تحقيق الهدف بنفسٍ راضية ونية خالصة.
للأسف بقراءة الواقع المصرى الحالى فالخلاف بات سيد الموقف، والتعنت فى الرأى تصدر الأولويات جميعاً سواء من ناحية المواطن أو من ناحية أجهزة الدولة فكلاهما مخطئ فى حق الآخر.
فمن ناحية المواطن :
فهو دائماً وأبداً ما يبحث عن شماعات التقصير من جهة الحكومة ليعلق عليها أسباب فشله وتقاعسه والإخلال بما ينبغى عليه أن يقدمه كى يرى المقابل المُجدى الذى يحلم به !
ومن ناحية الدولة :
فقد استفحل الأمر وبات هناك فجوة عميقة من انعدام الثقة بينها وبين المواطن كنتيجة مباشرة للتجاهل التام الذى استتب لعقود من قبل كافة مؤسسات الدولة تجاه المواطنين ومتطلباتهم وتطلعاتهم وحتى أدنى حقوقهم فى الحياة الكريمة التى يحظى بها أى مواطن فى أى دولة تضع مصالح مواطنيها فى دائرة إهتماماتها بشكل جدى !
أما فى مصر فقد استقرت الأوضاع على أن الحكومة والمواطنين أعداء لا يحب أحدهما الآخر ولا يثق به وبالتالى لا توجد حلقات للتواصل والتعاون بينهما ولا يحاول أحدهما التقدم بخطوة إيجابية تجاه الآخر لربما تتغير الصورة ويتحقق المراد من رب العباد.
هذا وقد أدهشنى تعليق أستاذ الإجتماع السياسى على وزارة السعادة الإماراتية الجديدة بأن مركز الدعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء يؤدى نفس مهمة وزارة السعادة فى الإمارات، حيث يستطلع مدى رضاء المواطنين عن أداء الحكومة والرئيس ونواب الشعب !!
هل تصدق عزيزى القارئ أن هناك من يعمل على قياس رضاء المواطنين عن الأداء العام للدولة أو حتى يشغل أحد أفراد الحكومة باله بهذا الشأن ؟
الإجابة أنه لاااا، باستثناء شخص واحد فقط أثق تماماً أنه يفعل وبصدق ويحاول جاهداً أن يعمم هذا الإهتمام ويحث أفراد حكومته ومسؤلى دولته على وضع المواطن المصرى بمتطلباته ومشكلاته وحقه فى حياة كريمة فى أولى الأولويات وهو الرئيس عبد الفتاح السيسى.
الرئيس السيسى فقط دون غيره هو من يهتم بهم المصريين، لكنه للأسف مازال يبحث عن نُبلاء هذا الوطن ليشاركونه الحِمل الثقيل.
ومصر مليئة بالنبلاء ولكنهم محجوبين خلف سياج حديدى محكم من عدد من المشاهير الذين يتبادلون المواقع والمناصب الهامة كقطع الشطرنج دون غيرهم وكأن مصر قد أصيبت بالعقم ولم تنجب سوى مجموعة محددة من الوجوه المكررة التى ثبت بالفعل عدم جديتها والتى تعمل بإصرار على استتباب الأوضاع القديمة بنفس الأداء !
أخيراً: إن استطاع الرئيس وأظنه سيفعلها عن قريب، أن يستبدل طاقم سفينته بمن هم فى نفس حماسه وإخلاصه واهتمامه بهم شعبه، فستنطلق السفينة انطلاقة غير مسبوقة تحقق تطلعات وآمال المصريين وتبنى جسراً جديداً من الثقة المتبادلة والتعاون البناء الذى لا غنى عنه للنهوض بمصر بأسرع وقت ممكن وربما وقتها يمكن لنا أن نستحدث وزارة للسعادة تهتم بحق بمدى رضاء وسعادة المصريين.