كتبت الأديبة مى زيادة إلى جبران خليل جبران، رسالة تقول فيها «جبران.. لقد كتبت كل هذه الصفحات لأتحايد كلمة الحب، إن الذين لا يتاجرون بمظهر الحب ودعواه فى المراقص والاجتماعات، ينمى الحب فى أعماقهم قوة ديناميكية قد يغبطون الذين يوزعون عواطفهم فى اللألأ السطحى لأنهم لا يقاسون ضغط العواطف التى لم تنفجر، ولكنهم يغبطون الآخرين على راحتهم دون أن يتمنوها لنفوسهم، ويفضلون وحدتهم، ويفضلون السكوت، ويفضلون تضليل القلوب عن ودائعها، والتلهى بما لا علاقة له بالعاطفة. ويفضلون أى غربة وأى شقاء «وهل من شقاء فى غير وحدة القلب؟» على الاكتفاء بالقطرات الشحيحة.
ما معنى هذا الذى أكتبه؟ إنى لا أعرف ماذا أعنى به، ولكنى أعرف أنك محبوبى، وأنى أخاف الحب، أقول هذا مع علمى أن القليل من الحب الكثير، الجفاف والقحط واللاشىء بالحب خير من النزر اليسير، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا؟ وكيف أفرط فيه؟ لا أدرى.
الحمد لله أنى أكتبه على الورق ولا أتلفظ به لأنك لو كانت الآن حاضرًا بالجسد لهربت خجلًا بعد هذا الكلام، ولاختفيت زمنًا طويلًا، فما أدعك ترانى إلا بعد أن تنسى.
ورد جبران على مى زيادة يقول «نحن اليوم رهن عاصفة ثلجية جليلة مهيبة، وأنت تعلمين يا مارى أنا أحب جميع العواصف وخاصة الثلجية، أحب الثلج، أحب بياضه، وأحب هبوطه، وأحب سكوته العميق. وأحب الثلج فى الأودية البعيدة المجهول حتى يتساقط مرفرفًا، ثم يتلألأ بنور الشمس، ثم يذوب ويسير أغنيته المنخفضة».
انظرى يا محبوبتى العذبة إلى قدس أقداس الحياة، عندما بلغت هذه الكلمة «رفيقة» ارتعش قلبى فى صدرى، فقمت ومشيت ذهابًا فى هذه الغرفة كمن يبحث عن رفيقه. ما أغرب ما تفعله بنا كلمة واحدة فى بعض الأحايين! وما أشبه تلك الكلمة الواحدة برنين جرس الكنيسة عند الغروب! إنها تحول الذات الخفية فينا من الكلام إلى السكوت، ومن العمل إلى الصلاة.
تقولين لى إنك تخافين الحب، لماذا تخفين يا صغيرتى؟ أتخافين نور الشمس؟ أتخافين مد البحر؟ أتخافين مجىء الربيع؟ لماذا يا ترى تخافين الحب؟
أنا أعلم أن القليل من الحب لا يرضيك، كما أعلم أن القليل فى الحب لا يرضينى، أنت وأنا لا ولن نرضى بالقليل. نحن نريد الكثير. نحن نريد كل شىء. نحن نريد الكمال، أقول يا مارى إن فى الإرادة الحصول، فإذا كانت إرادتنا ظلًا من أظلال الله، فسوف نحصل بدون شك على نور من أنوار الله.
لا تخافى الحب يا مارى، لا تخافى الحب يا رفيقة قلبى، علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة، ورغم ما فيه من الالتباس والحيرة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة