يبدو أن كل شىء فى هذه البلد يخضع لقوة الدفع الذاتى، أو «بركة دعا الوالدين»، لا نعرف التخطيط، ولا كيفية إقامة صناعة تنطلق بآليات لتدر المزيد من الأرباح، وهذا ما أدركه بعض العاملين فى صناعة السينما مؤخرًا، والذين راهن البعض منهم على وعى الدولة وإدراكها لأهمية الفن، لذلك واظبوا على الاجتماعات التى عقدتها الحكومات المتعاقبة دون أن يحدث شىء، بل تحول الأمر إلى ملفات تضاف إلى ملفات أخرى كثيرة فى الأدراج، وهو ما جعل الدكتور محمد العدل، والمخرجة هالة خليل، وعددًا من السينمائيين من أصحاب الوعى والخائفين على هذه الصناعة أن يدركوا جيدًا مقولة «لا يحك جلدك مثل ظفرك»، لذلك توقفوا عن التعلق بأحبال الحكومة الدايبة، أو وعود المنتجين الكبار الذين تكدست جيوبهم من أموال السينما ثم رفعوا أياديهم مرددين «إن شاء الله هننتج لما تستقر الأوضاع».
وللأسف لم يحدث شىء من هذا، ووقف الأباطرة الكبار موقف المراقبين، يفكرون فقط فى كيف يكون المكسب، بعضهم قرر أن يلعب على زيادة نسخ الفيلم الأمريكى فى مصر، ولم يعد يهمه الفيلم المصرى أو غيره يكسب.. يخسر أو «يروح فى الوبا»، مش مهم، الأهم أن الشاشات تعمل وتعرض أفلامًا أجنبية فى بعض الأحيان يكون على حساب الفيلم المصرى، وبعض الأباطرة فضل أن يبيع بعضًا من استثماراته فى دور العرض، مرددًا «سينما إيه فى دولة زى دى، ورسالة إيه، المهم المكسب»، وسط هذين الطرفين انطلقت مبادرة الدكتور محمد العدل، والمخرجة هالة خليل، وبعض من السينمائيين لخلق كيان سينمائى حقيقى يعمل على أسس واضحة، ويقدم تجارب متوازنة ومتوسطة التكلفة، ويطلق من خلالها مواهب شابة جديدة فى جميع مجالات الكتابة.. الإخراج، التمثيل، التصوير وغيرها.
وكل ما أعرفه حتى الآن عن هذه الدعوة أو المبادرة أن النوايا حقيقية، وأن الرغبة فى العمل والإنجاز لصالح الصناعة هو شغل أصحابها الشاغل، ومن المفترض أن هناك مؤتمرًا صحفيًا سيعقده أصحاب المبادرة للإعلان عن جميع التفاصيل، وكيفية وآليات العمل من اختيار السيناريوهات وصولًا لتنفيذها، وكل ما أتمناه ألا يتملك اليأس من صناعها مهما كانت الظروف والعقبات التى ستصادفهم، خصوصًا فى ظل سيطرة أباطرة التوزيع على شاشات العرض، لذلك أتمنى أن تكون الرؤية متكاملة من إنتاج وتوزيع ودعاية، تمكن هذه الأعمال من الصمود وفرض نفسها.
تلك الروح المتمثلة فى هذه المبادرة تحتاجها السينما بشدة، والفن المصرى ليشهد عودة الروح مجددًا من خلال تجارب سينمائية مختلفة، وكل ما أتمناه أن تبدأ أولى خطواتها فى أقرب وقت ممكن ليكون عام 2016 عامًا جديدًا ومختلفًا فى السينما المصرية.
فاصل
توزيع جوائز جمعية الفيلم فى دورتها الـ42 جاء تتويجًا للعديد من التجارب السينمائية التى قدمت فى عام 2015، ومنها فيلم «قط وفار» للكاتب وحيد حامد، والمخرج تامر محسن، وأيضًا فيلم «قدرات غير عادية» للمخرج داود عبدالسيد، وفيلم «باب الوداع» التجربة الشعرية والمختلفة بحق فى السينما المصرية، وهى التجربة التى أصر عليها وأنجزها المخرج الواعد كريم حنفى، بعيدًا عن حسابات السوق.
أخيرًا وبعد عمل لأكثر من 8 سنوات أنهى المخرج تامر السعيد فيلمه الروائى الأول آخر أيام المدينة.. آخر أيام القاهرة وبيروت وبغداد.. تلك المدن التى تبدد جمالها وبهجتها تحت وطأة الزمن وتفاصيله، والفيلم عن أربعة أصدقاء من ثلاث مدن، والرابط بين المدن هؤلاء الأصدقاء الذين يتعلق كل منهم بالمدينة التى يعيش فيها، لكن لديهم مشكلات معها، ويشارك الفيلم فى مهرجان برلين بدورته الـ 66 المنعقدة حاليًا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة