أتحدث عن محمد المنصف المرزوقى، الذى تولى رئاسة تونس منذ 2011 وحتى 2014، وقبلها كان ناشط حقوقى ومعارض سابق لنظام زين العابدين بن على ، لكن بعد ثورة تونس فى 2011 تحول إلى دمية فى يد أخوان تونس، أو حركة النهضة التى يترأسها راشد الغنوشى، فتحول المرزوقى من حقوقى يسارى إلى متعاطف مع الأخوان ومدافع عنهم، بل ومروج أساسى لأفكارهم، ومنصة شتائم توجه ضد معارضى الأخوان ليس فى تونس فقط وإنما فى العالم العربى كله .
بعد خسارته الانتخابات الرئاسية التونسية 2014، أمام الرئيس الباجى قائد السبسى أسس حزب حراك تونس الإرادة، كما أسس مع عدة شخصيات عربية المجلس العربى للدفاع عن الثورات والديمقراطية، هدفها الهجوم على الأنظمة الحاكمة فى الدول العربية وتحديداً مصر، ويساعدهم فى مهمته أيمن نور واليمنية توكل كرمان، ويتلقى هذا المجلس تمويلاً من قطر التى يعتبرها من قوى الخير التى ساهمت فى بناء تونس الجديدة.
هذا جزء من قليل من تاريخ المرزوقى الملئ بالكثير من التناقضات، التى زادت مؤخراً بعدما خلعه التونسيين من على كرسى الرئاسة الذى جاء أليه بتوافق سياسى وبدعم من النهضة التى كانت تعتبره رجلها المستقبلى، ولما أنه رجل قطر الأول فأن هدفه هو تشوية سمعة الأخرين، ومن بينهم على سبيل المثال الأمارات التى قال أنها "عدوة الثورات وتمول الانقلابات"، ليؤكد المرزوقى من جديد أهدافه الخبيثة تجاه من وقفوا بشكل قوى مع التونسيين، فهو يعتبر نفسه تونس، ومن لا يؤيده فهو عدواً له ولتونس.. قطر وقفت وتقف معه فهى من قوى الخير، اما الأمارات فلا يروق لها خفة وعدم أتزان المرزوقى فهى عدوة، هذا هو المنطق الذى يحاول أن يؤكد عليه رئيس تونس السابق، منطق من ليس معى فهو ضدى.
تناقضات المرزوقى تزداد يوماً بعد الأخر، منها دعوته الاخيرة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مؤكدا أن الحكومة الحالية لا مستقبل لها، وهى الدعوة التى أعترض عليها قبل ذلك حينما كان رئيساً توافقياً لتونس .
أخر تناقضات المرزوقى ما قاله قبل يومين حينما وصف التدخل العسكرى المحتمل فى ليبيا بـ"أغبى القرارات الممكنة وأكثرها تكلفة إنسانيًا واقتصاديًا وسياسيًا"، نعم هو يعلم جيداً أن هذا التدخل الهدف منه مواجهة الميليشيات الإرهابية التى تقوى من وجود الأخوان فى غرب ليبيا، فميليشيا فجر ليبيا الأخوانية هى من تدير العمليات الإرهابية فى سرت وطرابلس وبقية مدن غرب ليبيا.. لذلك مفهوم أن يعترض المرزوقى على التدخل العسكرى المحتمل لأن هذا التدخل سيقوض من سلطة أخوان ليبيا، وبما سيؤثر على وضعيه الأخوان فى المنطقة، حلفاء المرزوقى وداعميه .
يتحدث المرزوقى عن رفضه للتدخل العسكرى فى ليبيا رغم يقينه بأنه هو الحل لكل ما تعنيه جارته من تفتت وفوضى وانتشار للجماعات والميليشيات الإرهابية، التى تحولت إلى صداع مذمن لتونس ومصر وكل دول الجوار مع ليبيا، فكل العمليات الإرهابية التى شهدتها تونس مؤخراً كانت بتوقيع العناصر الإرهابية التى اتخذت من الاراضى الليبية موطناً لها.
المرزوقى يرفع شعار مصلحة الإرهاب هى الاساس، يرفض تنظيف ليبيا من الميليشيات الإرهابية، لأنها الشريان الذى يمد كل الجماعات الأخوانية فى المنطقة، فى تونس ومصر وسوريا واليمن وغيرها، هو يريد ان تبقى ليبيا على حالها حتى يبقى الإرهاب منتشراً.
ما الحل مع تناقضات المرزوقى ؟
المؤكد ان المرزوقى معجب بأدائه وتصريحاته وتحركاته، لأنها تحقق له التواجد المطلوب فضلاً عن تلقيه الدعم المادى والأعلامى الذى يبحث عنه، لذلك فأنه لن يتخلى عن هذا النهج بل سيزيد منه، وسيحاول إشعال الحرائق فى كل مكان يصل أليه، فهو مثله مثل داعميه من الاخوان لم يتعلموا الدرس جيداً حينما لفظهم الشعب فى الأنتخابات، بل يريدون أن يفرضوا أنفسهم بقوة على تونس، وكأنهم الحل لكل الأزمات رغم يقينهم بأنهم السبب فيما وصلت أليه تونس من مشكلات سياسية وأقتصادية.
الحل مع المرزوقى لن يكون من خلاله، وانما بالتعامل مع حركة النهضة التى جعلت منه شخصية سياسية، رغم يقينها بعدم اتزانه لأنها كانت تبحث عن دمية تحركها كيفما تشاء ووجدت ضالتها فى المرزوقى، لذلك فمن يريد أن يتعامل مع المرزوقى عليه ان يلجأ للمفتاح، والمقصود به هنا قطر وحركة النهضة، فما القادرين على أعادته إلى سيرته الأولى كناشط سياسى، هذا هو الحل من وجهة نظرى .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة