«نادين شمس»، «عبدالله الأحمدى» «أكرم حسان»، «هبة العيوطى»... هؤلاء هم فقط بعض الأسماء التى أعرفها، سواء بشكل شخصى أو عن طريق بعض الأصدقاء، هؤلاء هم بعض ضحايا المستشفيات الخاصة وغيرهم الكثيرون من المواطنين المصريين الذين فقدوا حياتهم أو أصيبوا بعاهات مستديمة نتيجة لأخطاء طبية وإدارية من جانب الأطباء والمستشفيات الخاصة والحكومية.
بكل تأكيد الخطأ البشرى فى أى مهنة وارد فى العالم كله، ولكن الطبيعى أن تتم محاسبة من أخطأ كل بقدر مسؤوليته، ولكن هذا ما لم يحدث فى كل الحالات التى أعرفها سوى فى حالة واحدة وهى حالة هبة العيوطى، أما فيما يتعلق ببقية الحالات فلم تتم المحاسبة حتى الآن، كما لم تتم فى مئات الحالات الأخرى.
انطفأت نور شمس «نادين شمس» صديقتى والتى كانت كتلة من الحيوية والحب للحياة ولم يحاسب أحد، حرم أطفال من والدهم وأم وأب من ابنهم الوحيد بعدما مات زميلنا المونتير أكرم حسان ولم يحاسب أحد حتى الآن، مازال أصدقاء عبدالله الأحمدى حتى الآن يعانون مرارة لحظة الوقوف عند أبواب أحد المستشفيات الخاصة التى رفضت إنقاذ صديقهم ليموت ولم يحاسب أحد.
الكارثة الحقيقية ليست فى عدم المحاسبة فحسب، وإنما الكارثة فى أن نقابة الأطباء لا ترى على ما يبدو مصلحة فى المحاسبة، ما يحدث هو العكس، والكل يعلم أن معظم الأطباء وأؤكد معظم وليس الكل، معظمهم يتعاطفون مع الطبيب المخطئ إلى درجة إخفاء الحقائق تارة واستخراج تقارير طبية فى صالح الأطباء تارة أخرى كى تتم تبرئتهم فى حال تقدمت العائلات بأى بلاغات، والتى لا تحدث فى مئات أو آلاف الحالات التى يتغاضى الأهالى عن حقهم، إما لضيق ذات اليد، أو ليقينهم بعدم جدوى التقدم بالبلاغ من الأصل.
وهنا يتبادر إلى الأذهان عدة تساؤلات: لماذا لا تساند نقابة الأطباء المواطنين فى مطالبهم العادلة بمحاسبة الأطباء فى الوقت الذى تطالب فيه هؤلاء المواطنين بدعم الأطباء فى مطالبهم العادلة أيضا؟ لماذا لم نشاهد أى وقفة تضامنية مع أى من ضحايا الأخطاء الطبية أمام نقابة الأطباء، كما شاهدنا وقفات تضامنية مثلا مع زميلتهم د. داليا محرز التى توفيت بعد إصابتها بالعدوى أثناء تأدية عملها؟! لماذا ترفض نقابة الأطباء قبول فكرة أن أفراد الشرطة من أمناء وغيرهم فيهم الصالح والطالح، ويهتف البعض أمام النقابة «الداخلية بلطجية» على خلفية الأحداث المخزية لمستشفى المطرية فى تعميم على كل أفراد الداخلية، ولكنها ترفض أن تجاوز البعض وقام بالتعميم ذاته وأطلق على الأطباء لفظ الجزارين مثلا، على خلفية أخطاء طبية تقتل الناس أو تتركهم بعاهات؟!
وهنا أؤكد أنه من حق الأطباء بل من حق المصريين جميعا أن يتم تعديل القوانين، بما يسمح بحماية المنشآت الطبية كافة، بما يردع من تسول له نفسه من أى جهة أن يعتدى على المؤسسات الطبية، أؤيد بل أطالب بذلك وأتضامن مع النقابة فى ذلك دون قيد أو شرط، ولكنى فى الوقت نفسه أطالب النقابة ألا تكيل بمكيالين، والحقيقة أننا جميعا نعانى من نفس الأزمة والتى لن أمل من تكرارها وهى تقييمنا للأمور وفقا لما نحب وما نكره وليس وفقا للصواب والخطأ. وبالتالى قد يرى البعض أنه من الطبيعى أن يتعاطف رجال الداخلية مع الأمناء أو الضباط المتهمين كما يتعاطف الأطباء مع الأطباء المتهمين، وهنا مكمن الخطورة، أن يكيل كل طرف بمكيال المشاعر عندما يكون هو الجانى ويتذكر الصواب والخطأ عندما يكون هو المجنى عليه.
فلا أمناء الشرطة جميعهم ملائكة، ولا كل الأطباء شياطين، وإنما لكل حدث حديث، وإن اتفق الجميع على تحكيم الصواب والخطأ، بدلا من تحكيم مشاعر الحب والكره، ربما نصل إلى واقع أفضل لنا جميعا. مرة أخرى أؤكد تضامنى مع الأطباء فى مطالبهم، ولكنى أؤكد أيضا تضامنى مع المرضى وحقهم فى محاسبة رادعة لأطباء كانوا سببا فى حرماننا من أعز الناس.
مروة جاد الله
انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا.. لكن كيف تنصر ظالماً؟! بأن تمنعه من أن يظلم
الثلاثاء، 16 فبراير 2016 08:01 م
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
moh
كلامك منطقى جدا ولكن من يفهم