محمود سعد الدين

كلام لا يحب صانع القرار قراءته كيف يعانى أهل الريف ولا يسمعهم أحد؟ 

السبت، 20 فبراير 2016 06:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنا ابن القرية قبل أن أقيم بشكل دائم فى المدينة، القرية هى الأصل منها أستمد كل الأفكار النقية عن الحياة والمعاملات بعيدا عن صداع المدينة، هى المقياس الحقيقى لكل ما هو صالح وطالح، هى أهم مؤشر تستند عليه المعرفة، أين نقف وما هو حالنا، 4 قصص مختلفة لأهالى قريتى تدفعنى لقراءة الواقع المصرى بشكل مختلف. 

1 - أحد أقربائى كان يعمل فى وظيفة حكومية لمدة 25 عاما، وصل مرتبه فيها إلى 8 آلاف جنيه، كان ينفق على أسرته المكونة من 5 أفراد، يعيش ويستمتع، خرج على المعاش منذ 9 شهور، فوجئ أن قيمه ما يتقاضاه من معاش هو 1100 جنيه، المطلوب أن يعيش بهم، يدفع 500 جنيه نفقات علاج وينفق الباقى على أبنائه بالجامعة بخلاف الأكل والشرب.. هذا الرجل فى آخر زمانه لا يشعر بالأمان فى الدولة. 

2 - أمين شرطة يعمل فى أحد الأقسام، طلب منى أن أساعده فى النقل إلى مكان أفضل بالداخلية، هو يريد شرطة الكهرباء، راتبها أعلى والعمل فيها أقل ضغطا، قلت له: لماذا لا تطلب النقل وفقا لقواعد العمل الداخلية وآليات النقل؟ فكانت إجابته: «كل حاجة بالواسطة يا أستاذ أنا عارف أكتر منك ولو معاك واسطة الموضوع هيخلص». هذا الرجل يشعر بل وصل لليقين أن الواسطة هى الأساس. 

3 - عمى.. ابنه الأكبر خريج كلية تجارة، حاصل على تقدير جيد جدا، بعد عناء المذاكرة فى المراحل التعليمية المختلفة.. ابن عمى تخرج قبل 3 سنوات.. يبحث عن عمل ولا يجد.. عمل فى بعض الأوقات بمكتب للأدوات المنزلية، غير أنه يريد فرصة أكبر تعود عليه بدخل أكثر.. عمى طلب منى أن أبحث عن فرصة عمل لنجله بأحد البنوك، هو يريد أفضل حال لابنه ولكن لا نتيجه حتى الآن.. هذا الشاب الذى تخرج بتقدير جيد جدا يشعر أن البلد لا يهتم به ولا يرعاه.. يبحث الآن عن فرصة سفر للخارج. 

4 - صديق عزيز يعمل بمستشفى حكومى.. يتمتع بصحة جيدة، وسط ضغط العمل، فوجئ بنزيف دم.. أجرى بعض الفحوصات.. كانت النتيجة إصابته بمرض الضغط.. أيام قليلة تعرض لنزيف مرة أخرى.. أجرى فحوصات موسعة فكانت الصدمة، مرض خطير بالقلب.. الآن صديقى يريد العلاج ولكن أى علاج.. العلاج يريد مالا وهو لا يمتلك، يسعى من أجل الحصول على خطاب بالعلاج على نفقة الدولة، وهو أمر صعب، يواجهه مشاكل وأوراق وروتين عقيم.. صديقى الذى يعمل على راحة المرضى بالمستشفيات لا يشعر بالرضا الآن، ويعاتب الدولة كل يوم «مين هيعالجنى؟». 

القصص الأربعة تعكس الفجوة الكبيرة بين صانع القرار والمواطن، بين ما يتحدث عنه المسؤول وما يصل فعليا للأسرة المصرية، بين عشرات التصريحات عن استيعاب الشباب وبين واقع شاب حاصل على مرتبة جيد جدا دون أن يقدره أحد. 

القصص الأربعة تكشف مأساة أهل القرى التى لا يعرفها المسؤول المقيم فى القاهرة. 








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة