يوسف أيوب

ما الفارق بين «أبوإسلام» و«البحيرى» و«ناعوت»؟

الأحد، 21 فبراير 2016 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما الفارق بين «أبوإسلام» و«البحيرى» و«ناعوت»؟.. «أبوإسلام» هو داعية، اسمه بالكامل أحمد محمود عبدالله، قام فى 15 سبتمبر -2012 خلال الاحتجاج أمام السفارة الأمريكية اعتراضًا على فيلم مسىء للرسول محمد صلى الله عليه وسلم- بتمزيق نسخة من الإنجيل، ودعا للتبول عليه، فتم الحكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهم من بينها ازدراء الأديان، بناء على دعوى أقامها ضده نجيب جبرائيل، محامى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، الذى وصف الحكم الصدر ضد «أبوإسلام» بأنه الأول من نوعه فى تاريخ القضاء المصرى، فيما يتعلق بتهمة ازدراء الدين المسيحى.

أما فاطمة ناعوت، فهى كاتبة سبق أن كتبت تدوينة على وسائل التواصل الاجتماعى انتقدت فيها شريعة الذبح فى عيد الأضحى، رغم أنها مثبتة فى القرآن، واصفة ما يفعله المسلمون فى عيدهم بأنه «أهول مذبحة يرتكبها الإنسان كل عام منذ 10 قرون»، وقالت تحت عنوان «كل مذبحة وأنتم بخير»: «بعد برهة تُساق ملايين الكائنات البريئة لأهول مذبحة يرتكبها الإنسان منذ عشرة قرون ونصف، ويكررها كل عام وهو يبتسم.. مذبحة سنوية تتكرر بسبب كابوس باغت أحد الصالحين بشأن ولده الصالح، ورغم أن الكابوس مرّ بسلام على الرجل الصالح وولده وآله، إلا أن كائنات لا حول لها ولا قوة تدفع كل عام أرواحها وتُنحر أعناقها وتُهرق دماؤها دون جريرة ولا ذنب ثمنًا لهذا الكابوس القدسى، رغم أن اسمها وفصيلها فى شجرة الكائنات لم يُحدد على نحو التخصيص فى النص، فعبارة ذبح عظيم لا تعنى بالضرورة خروفًا ولا نعجة ولا جديًا ولا عنزة».

وبسبب ما كتبته فاطمة ناعوت حكمت عليها محكمة الخليفة بالحبس ثلاث سنوات، وغرامة مالية قدرها 20 ألف جنيه، لاتهامها بازدراء الدين الإسلامى.

أما إسلام البحيرى فهو ذلك الباحث الذى أثار لغطًا كبيرًا حوله بعدما تعدى على أئمة الإسلام بوصفه لهم بالتخلف والعته والسفه، بجانب قوله إن كتب التراث الإسلامى هى سبب وجود ظاهرة الإرهاب فى العالم، فضلًا على لعن المتهم ثوابت الدين، وهو ما اعتبرته المحكمة يمثل مساسًا للعقيدة الإسلامية، وهدمًا للدين الإسلامى من أساسه، وأنه تعدى على حرمات الأديان السماوية، خاصة الدين الإسلامى، مستندًا لأفكاره المتطرفة التى أدت إلى ازدراء الدين الإسلامى الحنفى، فتم الحكم عليه بالحبس عامًا مع الشغل، لاتهامه بازدراء الأديان.

نحن إذن أمام أمثلة لثلاث قضايا تم التعامل معها على أنها ازدراء للأديان، ورغم التشابه فى أفعال كل منهم، وإن كان «أبوإسلام» أكثر وطأة من الآخرين، فإن قضية إسلام البحيرى وفاطمة ناعوت أخذت حيزًا كبيرًا من البحث والتحرى من الجميع ممن حاولوا إلباس قضية الاثنين على أنها مجرد قضية إبداء رأى لا تستوجب زج أصحابها إلى السجن بسبب آراء قالوها، فى حين أنهم هم أنفسهم من طالبوا بمحاكمة «أبوإسلام» وفرحوا لسجنه.

أنا هنا لست مدافعًا عن «أبوإسلام» أو مهاجمًا لفاطمة ناعوت أو إسلام البحيرى، لكن فى تقديرى أننا فى حاجة لفهم ما يحدث بطريقة هادئة، بعيدًا عن العواطف والانحياز المسبق، أو اللعب على وتر العاطفة الدينية، فهناك اختلاف كبير بين حرية الرأى والتعبير، وقضية ازدراء الأديان، أو بمعنى أدق الطعن فى العقيدة، فالثلاثة «أبوإسلامس و«البحيرى» و«ناعوت» تهمتهم واحدة.

لماذا فرح الجميع بسجن «أبوإسلام»..وملأوا الدنيا ضجيجًا حينما حكم القضاء على إسلام البحيرى وفاطمة ناعوت؟.. القضية من وجهة نظرى لها أبعاد أخرى تتحكم فيها، وفى الحديث عنها، فنحن نجيد فن تكييف القضايا وفقًا لأهوائنا وعواطفنا، ونحاول أن نلبسها الرداء الذى يتناسب مع مفاهيمنا ورؤانا الخاصة، بل أننا غالبًا ما نشخصن مثل هذه القضايا، وننظر للشخص المتهم، وبناء عليه تختلف الآراء.

قد يكون من المفيد الحديث عن تجديد الخطاب الدينى، والبحث عن وضع مفهوم واضح وصريح لتهمة ازدراء الأديان، لكن هذا لا يعنى إعطاء الحق لأى شخص بالطعن فى العقيدة الدينية للناس بداعى حرية الرأى والتعبير، وإلا نكون متناقضين مع أنفسنا حينما نغضب حينما يسىء رسام كاريكاتير دانماركى، أو سياسى هولندى للإسلام، وفى الوقت نفسه نعتبر ما يفعله البعض هنا أنه حرية رأى رغم التشابه الكبير بين الجرمين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة