نعم وقعت جريمة القتل وفى عرض الشارع، تشاجر الشرطى المستقوى بوظيفته وسلاحه الميرى مع السائق الغلبان الشقيان، على سعر النقلة، فأخرج الشرطى سلاحه الميرى وأطلق الرصاص على دربكة الغلبان فأرداه قتيلا بثلاث رصاصات.
نعم الجريمة بشعة وتعكس بلطجة مجموعات من الشرطة على المواطنين، تحصل منهم الإتاوات وتعتدى عليهم بالضرب، وإذا حاولوا الدفاع عن أنفسهم تبطش بهم بالسلاح الميرى، الذى حصلوا عليه ليخدموا الناس ويوفروا لهم الحماية ويضمنوا سيادة القانون، لكن أين هو الشرطى المجرم الآن؟
قاتل «دربكة» الغلبان مقبوض عليه ومعروض على النيابة التى قررت حبسه على ذمة التحقيق، قبل إحالته لمحكمة الجنايات، لكن الغضب فى صدور الكثيرين ربما لا يكفيه التعامل مع الشرطى القاتل بالقانون، القانون يشى بنوع من التهذيب والإنسانية لا يستحقها هذا الشرطى الهمجى الذى استقوى على السائق الغلبان وأراد سلبه عرقه وشقاه بالإكراه، وعندما استمات الغلبان فى الحصول على حقه، تعرض للضرب بالرصاص الميرى.
الجريمة استدعت ميراث الغضب فى صدور الكثيرين تجاه ممارسات الداخلية، ويبدو أن رصيد الشرطة لدى المواطنين يوشك على النفاد، إن لم يكن قد نفد بعد، لأن كمية اللعنات والاتهامات الموجهة للداخلية الآن تقترب من أوضاع ما قبل 25 يناير، وذلك لأن الوزارة لم تستطع تقديم حلول قانونية وانضباطية للتعامل مع فئة أمناء وأفراد الشرطة، رغم تكرار تجاوزاتهم وتشويههم إنجازات الوزارة فى مواجهة الإرهاب وفى تحقيق الاستقرار ووقف الانفلات الأمنى، بل أصبح الانفلات الأمنى قاسما مشتركا بين المجرمين وعدد لابأس به من أمناء وأفراد الشرطة.
الغريب أن حادث مقتل دربكة الغلبان فى الدرب الأحمر، منح الوجوه التحريضية والوجوه العكرة التى حرقتها ثورة 30 يونيو، قبلة الحياة، فانتهز الهارب عاصم عبد الماجد الفرصة لتحريض الإخوان على استغلال الحادث لتأليب الناس، وسرعان ما امتلأت مواقع التواصل الاجتماعى بماكينات الندب واللطم والعويل وتهييج الناس، بل ووضع البعض جدولا بالمظاهرات الأسبوعية تحت شعار «مفيش حاتم بيتحاكم» وكأن الداخلية هربت المجرم القاتل!
نعم الغضب فى الصدور تجاه بلطجية أمناء وأفراد الشرطة وبينهم الآلاف يستحقون المحاكمات العسكرية وخلع البدلة الميرى، نعم الداخلية متباطئة فى تطهير صفوفها من العناصر المسيئة ومنهم من أغلق أقسام الشرطة بالجنازير واقتحم مديريات الأمن واعتدى على كبار الضباط، ولكن يجب ألا ينسينا الغضب الفخاخ المنصوبة فى كل مكان حتى ينفجر بركان الغضب فى التراك الخطأ الذى رسمه الأعداء والمتربصون بعد 25 يناير، عندما امتدت أيدى المتآمرين ووراءهم السذج والأغبياء لتحرق وتدمر أقسام ومنشآت الشرطة.
خلال خمسة عشر يوما سيصدر البرلمان تشريعات وافية كفيلة بضمان محاكمة وعقاب كل من يخطئ من أمناء الشرطة، وبعدها لن يعود لوزير الداخلية ولقيادات الوزارة أية عذر لتأخير تطهير صفوف أجهزة الشرطة من كل فرد بلطجى أو فاسد أو مشاغب أو يستقوى بوظيفته وسلاحه الميرى، أو يجهل أن طبيعة مهمته هى تحقيق الأمن وخدمة المواطنين وحمايتهم.
خمسة عشر يوما، وبعد إصدار البرلمان التشريعات المنظمة لمحاسبة أمناء وأفراد الشرطة، نريد أن نسمع عن إحالة الآلاف من بلطجية البدلة الميرى للاستيداع، اطردوا كل بلطجى ومعتد ومخالف وشبيح، حاكموا المخالفين والمفسدين والمسيئين لأجهزة الشرطة ومضيعى دماء الشهداء بأفعالهم الخسيسة وجرائمهم العلنية، طهروا صفوفكم بأيديكم، بدلا من أن تدفعوا الثمن غاليا، لأن غضب المظلومين لن يفرق بين صالح وطالح، بين يحمى المواطن وينفذ القانون ومن يحتمى منه بالسلاح والبدلة الميرى.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة