أكرم القصاص

علاء الديب والانتهازيون

الإثنين، 22 فبراير 2016 07:10 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المؤامرة الجماعية اليومية للصراع
«خداع النفس طريق لا ينتهى.. وأنا أعرف نفسى أكثر من أى شخص آخر.. أعرف انتمائى للطبقة المتوسطة.. ورفضى لهذا الانتماء.. أعرف الحصار الذى يضربه حولى التخلف.. أعرف محاولتى الدائبة للخروج منه»، هكذا تحدث الكاتب الراحل علاء الديب الذى رحل تاركا تجربة أدبية وكتابات سعى فيها لاكتشاف الأسباب التى تجعل الطبقة الوسطى دائما عاجزة عن الخروج من مشكلاتها، بالرغم من كونها الطبقة التى تختزن كل التناقضات، وتهلكها طموحاتها. وتناقضاتها، ومصالحها التى تدفعها إلى تحالفات انتهازية.

وعندما يشير علاء الديب إلى المثقفين لا يستبعد نفسه، بل إنه يضعها على ترابيزة التشريح وربما يتخذ من نفسه نموذجا، يفتش فيه عن السبب الذى يجعل قطاعا من المثقفين قادرين على التلون والبقاء بجانب سلطة ما، ليس فقط السلطة الحاكمة وإنما السلطة الدينية أو سلطة المال التى تتواجه إذا فقدت نفوذها.

ولهذا لا تبدو كتابات علاء الديب سردا لحكايات الخمسينيات حتى الثمانينيات، لكنها تنطبق على ما يجرى الآن بشكل كبير، وتفسر التيه والضياع لدى قطاعات تسعى للحصول على السلطة، بالنفاق أو الانتهازية. وأيضا الغرق فى الضجيج دون القدرة على تقديم بدائل.

كان علاء الديب مهموما بمحاولة تشريح الطبقة الوسطى، والبحث عن مفاتيح مشكلاتها، الطبقة البرجوازية كما تراها الماركسية، هى الطبقة الطموحة المزدحمة بالكفاءة والقوة والضعف والطموح والتناقضات التى تضم طبقات عليا تريد البقاء فى القمة وتتخطاها، ومتوسطة تطمح للصعود، والجزء الأسفل يخشى الهبوط والخروج من المشهد، ولا يمكن وضع حدود فاصلة بين الطبقات، ولكل من هؤلاء سلطة يريد الاحتماء بها ويعمل لصالحها، بما يمكن تسميته «انتهازية اختيارية».

علاء الديب يشير إلى أن المثقفين والطبقة الوسطى يذهبون إلى السلطة من خلال الطموحات والمغريات الاستهلاك، وكثيرا ما يرى المثقفون من بين الفئات القابلة للتشكيل، انتقد ازدواجيتهم وكونهم قادرين على التلاعب بالالفاظ أو ما يسميه تزييف «عملة الكلام»، قول الشىء، ونقيضه والمتاجرة بالإيمان والعقيدة، والمصالح هى محركهم.

صحيح أن علاء الديب كان يكتب عن الفترة من 52 حتى 82، لكنه التقط جينات الازدواجية لدى المثقف التى يمكن رؤيتها فى الإعلام والثقافة، وحيرة الطبقة الوسطى التى يرى البعض أنها تآكلت وتشققت، وخرجت من التأثير.

ثم إنه يتحدث عن التواطؤ العام أو ما يسميه «المؤامرة العامة» التى نشترك فيها جميعا التى يقدم عليها كل الرجال، لكى يصعدوا، أو يصلوا، أو يحققوا أهدافا، يعتبرونها مشروعة، مثل النجاح أو الانتصار فى معركة الحياة. المؤامرة اليومية السريعة التى نواجه بها الأصدقاء وهم يسقطون فى الطريق والزملاء، ونحن ندوس على أعناقهم فى الطريق إلى مزيد من النجاح أو والنقود والوهم الفارغ، «أعترف أننى طرف فى هذه المؤامرة». من هنا تبقى آراء علاء الديب صالحة ومستمرة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة