الآن.. وعلى مسرح مجلس النواب نتفرج على أكبر عروض السيرك البرلمانى، ونوم النائب وعجين البرلمانى، لا يهم ما يجرى فى البلاد وبين العباد، المهم «اللايحة» حتى لو استغرق إعدادها شهورا. وقد تصورنا وبعض التصور طشاش أن برلمان 2012 كان مرجعية الفكاهة، وآخر عنقود الكوميديا، بعد نواب «بيت الخلاء والأذان وقزقزة اللب، ونط الحبل»، فإذا بنا أمام عروض أكثر فرجة وأوسع خيالا، من حيث العروض الفردية، وجمع التوقيعات، ضمن جلسات «جولة الكاميرا»، وبالرغم من إلغاء البث الفضائى المباشر لجلسات «تحضير اللائحة» أو تحضير «البرلمان»، إلا أننا أمام حالة من المسرحية يسقط فيها الحائط الثالث على الحائط الرابع بعد الأرضى فوق مصالح الجماهير.
بالرغم من إيقاف البث التليفزيونى ظن النواب أن الصحفيين السبب فى نشر غسيل النواب. وأصبح الاعتداء على الصحفيين عادة، فى فقرة النائب عكاشة، أو غيرها. اعتدى نائب على صحفى بالضرب لمنعه من متابعة تصريحات مفجر الثورات، واعتذر، ليبدأ عكاشة نفسه مهاجمة الصحافة، وأنها قالت إنه تم طرده من الجلسة، مع أنه خرج برغبته، رئيس البرلمان اعتذر عن سلوكيات النواب، لكن الأمر تجاوز الاعتذارات، إلى حالة هرج ومرج واستعراض بين نواب كل منهم تصور نفسه زعيما أوحد وخبيرا فى تفجير الثورات، أو نائب جمع توقيعات لوقف ظهور كل من يختلف معه، فى سابقة غير مسبوقة.
عكاشة ليس وحده وإن كان تفوق على نفسه وأصبح واحدا من أهم صناع المعارضة الكوميدية، ينسحب من الجلسات بصورة دورية، وكلما تأخر منحه الكلمة يصاب بـ«الانقماص»، ويهاجم رئيس مجلس النواب، فيرد الدكتور عبدالعال، ويطالب بالتصويت على إخراجه من الجلسة، فيخرج وهو يقول لرئيس البرلمان: «أنت جيت هنا غلط»، فى إشارة إلى أن عكاشة هو الأحق بالرئاسة، بوصفه مفجر ثورات، وخبير سياسة أعماق حاصل على أصوات كثيرة فى دائرته، واعتاد إطلاق تصريحات ساخنة، آخرها مطالبته بإقالة الحكومة، وحل البرلمان وانتخابات رئاسية مبكرة. فى نفس واحد وهو مقترحات لو تحققت ربما تنهى كل مشاكلنا وتعيدنا إلى المربع واحد.
وماذا عن مجلس النواب الموقر؟ وماذا يفعل فى مهامه التشريعية والرقابية؟.. إنه مايزال يناقش اللائحة التى يبدو أنها ستستغرق الفصل التشريعى والفصل الربيعى قبل أن يحصل الموقر على إجازة واستراحة من تعب اللائحة ولم يخل نقاش اللائحة من أزمات واستعراضات وانقماصات، سيدات المجلس هددن بالانسحاب حال إلغاء مادة تتعلق بدور النائبات، ويوافق رئيس المجلس على إبقائها، فيهدد الرجل بالانسحاب ولا تتوقف الاشتباكات حول اللائحة، والانتقالات والبدلات والامتيازات التى تشغل بال النواب عما عداها، لنجد أنفسنا أمام مجلس نواب و«مانابش عن حد»، ورئيس برلمان تائه بين النواب، وبرلمان أصبح مكانا للفكاهة والضحك والانسجام، ولا يهم تشريع أو رقابة «وساعة الحظ ماتتعوضتش».