كل التقارير المحلية والعالمية تؤكد أننا نجحنا بامتياز فى المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، ولكن التقارير نفسها تؤكد أن قدر النجاح الذى حققته الدولة المصرية هو قدر الفشل والإخفاقات التى قد تقع بسبب الجهاز الإدارى والروتين الوظيفى والبيروقراطية المصرية، قد يتعطل مشروع كبير بملايين الدولارات بسبب تأخير توقيع موظف، أو يتأخر مشروع عقارى كبير لعدم تجديد تراخيص البناء وحفظ الأوراق فى درج السيد المحافظ أو المهندس رئيس الحى، إذن وما الحل؟ كيف نحافظ على ما حققناه من نجاح بالمؤتمر؟ وكيف نحافظ على تحقيق كل الوعود الاستثمارية، وكيف ننقلها من أرقام على الورق إلى واقع على الأرض؟ الحل، من وجهة نظرى، هو قرار من السيد رئيس الجمهورية بتشكيل وزارة جديدة يطلق عليها وزارة الدولة لشؤون المؤتمر يكون دورها التنسيق بين كل الجهات الحكومية من أجل ضمان تنفيذ المشاريع الاستثمارية التى تم الإعلان عنها فى شرم الشيخ وحل مشاكل المستثمرين المستقبلية، وضمان تحقيق الاتفاقيات بين الحكومة المصرية والمستثمرين الأجانب، وتقديم إحصاء شهرى للحكومة وللرئاسة بما تم إنجازه من مشروعات مؤتمر مارس، إضافة إلى التشبيك بين المستثمرين والحكومة المصرية، خاصة الشركات الكبرى، لأنه من غير المعقول أن مستثمرا كبيرا أعلن عن استثماره مئات الملايين فى مصر ويواجه عراقيل إدارية تتعلق فى الأساس بموظف روتينى تربى على نظام إدارى قديم.
وزير الدولة لشؤون المؤتمر يكون دوره أيضًا على مدى عام كامل بداية من الآن، نقل الحالة الاستثنائية التى أبهرت المصريين بشأن تنظيم مؤتمر كبير إلى حالة اعتيادية طبيعية، بحيث يكون مؤتمر مارس حقًّا مؤتمرًا منظمًا ومدروسًا بكل تفاصيله قبل عام وليس مؤتمرًا تم الإعداد له سريعًا سريعًا وبهرولة قبله بشهور قليلة، ولكى يتحول أيضًا المؤتمر من التسمية الأولى له «مؤتمر مانحين» إلى مؤتمر اقتصادى يشغل الشرق الأوسط كله، وينافس «دافوس»، المشكلة هنا أنه قد يحدث تضارب فى الاختصاصات بين وزير الدولة لشؤون المؤتمر، ووزير الاستثمار، ووزير التجارة والصناعة، وحل هذا التضارب هو أن يكون الوزير من داخل مطبخ الحكومة، لا من خارجها، ومدركًا تمامًا أن نجاحه يتطلب أن يتميز بالمرونة الشديدة فى عمله لكى يحققه ولا يحدث تصادم مع الوزارات الأخرى.
الأهم أن وزير الدولة لشؤون المؤتمر، اقتراح بسيط قد يلقى قبولا أو لا يلقى بالأساس، ولكن ينتظر تفكيرا من صناع القرار بالدولة، لأن أزمتنا الشديدة فى مصر أننا نفرح وتكون معنوياتنا عالية جدا ولدينا طاقة رهيبة للعمل، وفجأة تتراجع الطاقة وتتصدر السلبية، وهو أمر يحتاج إلى شخص «يدبدب»، وشخص يراجع أرقام المؤتمر الاقتصادى أولاً بأول ويقارنها بما تم إنجازه، ولنا فى وضع سيناء تجربة، فالرئيس السيسى نفسه بعد أحداث سيناء المتتالية قرر ترقية اللواء أسامة عسكر لرتبة الفريق وتكليفه بشؤون سيناء الأمنية والتنموية، مع اختصاصات واضحة منعًا للتضارب مع أى قيادات أخرى بالجيش.. لماذا؟ لكى نحقق إنجازا فى سيناء، وبالمقارنة فى شرم الشيخ، نحتاج إلى وزير لشؤون المؤتمر، وزير يحافظ على دورة العمل فى المشاريع الجديدة، يراقبها دائما، وزير قريب من صناع المشاريع الجديدة، يشعرهم دائما بأن الحكومة لا تتركهم، بل تقف إلى جوارهم لأن نجاحهم هو نجاح لمصر، وأن كانت تسمية «وزير الدولة لشؤون المؤتمر» غير مقبولة، فلا مانع أن يكون هناك نائب رئيس وزراء للشؤون الاقتصادية أو لشؤون المؤتمر.. مهما كان الاسم.. تبقى الفكرة والاختصاصات .
القارئ العزيز.. هذا المقال كتبته قبل 11 شهرًا، فى 17 مارس 2015، بعد انتهاء المؤتمر الاقتصادى، كتبته تخوفًا من أن تتبخر كل الأرقام الاستثمارية التى تم الإعلان عنها وتتحول إلى أحلام، كتبته تخوفًا من مستقبل متخبط للمشاريع الوليدة فى مؤتمر شرم الشيخ.
الآن بعد قرابة العام، أؤكد لك، عزيزى القارئ، أن قليلاً فقط من مؤتمر شرم الشيخ تحقق، ولم تكلف الدولة شخصًا بعينه ليكون مراقبًا ومسؤولاً عن مشاريع مؤتمر مارس ولم تتحقق المشاريع بالأساس.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوي
المؤتمرات الاقتصاديه واقع لكن تحقيق كل الامنيات صعب