هل التبرع لمصر حرام؟.. لم أكن أود الحديث عن مبادرة التبرع لصندوق «تحيا مصر»، لأن المبادرة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى التى عرفت إعلامياً بمبادرة «صبح على مصر بجنيه» وجدت تجاوباً من المصريين يفوق توقعات المتفائلين قبل المتشائمين، فبعد ساعات من حديث الرئيس عن الصندوق والحاجة لتنمية موارده تحول هذا الحديث إلى مبادرة رغم أن الرئيس لم يكن يقصد ذلك، لكن المصريين حولوها لمبادرة وتفاعلوا معها، وتفاجأ المسؤولون عن الصندوق بحجم المشاركات المتزايدة عبر الرسائل التى يتلقاها الرقم 37037، ولم تخلوا هذه المشاركات من إظهار خفة دم المصريين وهو ما ظهر من الرسائل التى تم نشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعى.
نعم لم أكن أنوى الحديث لأن المبادرة تسير فى طريقها دون أن تتأثر بما يقوله بعض المتفلسفين ممن لا يعجبهم العجب، لكن ما دفعنى للحديث عنها هو تطاول البعض على المبادرة بل على المصريين أنفسهم، بوصف ما يحدث على أنه «شحاته»، أو القول بأنه ليس هكذا تبنى الدول، أو السخرية من المبادرة بأشكال مختلفة فى محاولة مكشوفة لإثناء المصريين عن المشاركة بها، فما شهدته ولاحظته عبر مواقع التواصل الاجتماعى ومن بعض الناقشات التى جمعتنى بأصدقاء والتى كشفت لى حجم الأزمة التى تعيشها ما تسمى بالنخبة فى مصر، فكل همهم هو دفع الناس ليكونوا سلبيين، ويتوهمون أنهم المحرك الرئيسى والأساسى للشعب المصرى عبر تدوينات تويترية أو بوستات فيسبوكية، فهم يظنون أن ما يكتبونه على عالمهم الافتراضى قادر على تحريك الجماهير فى الاتجاه الذى يريدونه.
أكثر ما أثار انتباهى فى مبادرة «صبح على مصر بجنيه» هو الهجوم المنسق والمرتب عليها من شخصيات معينة ومحددة أمثال باسم يوسف وبالطبع أعضاء الجماعة الإرهابية، فهم استخدموا المبادرة كمنصة للهجوم على مصر ورئيسها بالترويج للأكاذيب التى أدمنوها طيلة السنوات الماضية.. نعم هذا ما حدث بالفعل، فالإخوان الذين جمعوا ملايين الجنيهات والدولارات بزعم التبرع لفلسطين وسوريا والصومال وكوسوفا والبوسنة والهرسك يرفضون الآن تبرع المصريين لبلدهم مصر، يعتبرون أن الاستجابة لمبادراتهم فى التبرع لكل دول العالم حلال، أما التبرع لمصر فهو حرام.
الإخوان والمتعاطفون معهم ومن يهاجمون مبادرة «صبح على مصر بجنيه» هم أكثر من دعا المصريين للتبرع لنصرة إخواننا فى كل دول العالم، استغلوا لجنة الإغاثة واتحاد الأطباء العرب لجمع ملايين الدولارات لإنفاقها فيما ليس لنا علم به، واعتبروا أن الوقوف مع مصر خروج على الشرع، وأنه الحرام بعينه.. نعم هذا ما يحدث، تحالف الإخوان والساخرين والمتفلسفين على مصر حتى لا تبقى مصر دولة قوية، فهم يريدونها مفككة ومهترئة، لا يريدون للمصريين أن يتحدوا حتى لنصرة بلدهم.
كيف سنستخدم حصيلة «تحيا مصر»؟.. فى 1 يوليو 2014 أعلنت رئاسة الجمهورية عن تدشين صندوق «تحيا مصر» تفعيلًا للمبادرة التى سبق أن أعلنها الرئيس بإنشاء صندوق لدعم الاقتصاد، وأصدرت وقتها الرئاسة بيانًا قالت فيه: «إن ذلك يأتى تقديرًا للحظات الدقيقة التى يمرُ بها الوطن، وما يصاحبها من ظروف اقتصادية واجتماعية حرجة استدعت مشاعر المصريين الإيجابية تجاه الوطن، كما أبرزت العزيمة الوطنية والإرادة الحقيقية لجموع الشعب المصرى العظيم بحتمية العبور بمصرنا الحبيبة إلى آفاق مستقبل واعد يليق بعراقة ماضيها وتضحيات أبنائها.. وإيمانًا بأنه واجب علينا جميعًا استنهاض قدراتنا الذاتية كأحد أهم الأدوات لبناء الوطن فى ضوء ما يواجهه من تحديات على كل المستويات ولا سيما على الصعيد الاقتصادى»، وتم إنشاء حساب بالبنك المركزى تحت رقم 037037 لتلقى مساهمات المصريين فى الداخل والخارج بجميع البنوك المصرية لحساب الصندوق.
وفى 7 يوليو 2014 تبرع الرئيس السيسى لصندوق تحيا مصر بنفسه فى البنك الأهلى المصرى، وحتى الآن بلغ إجمالى ما تلقاه الصندوق من تبرعات 4.7 مليار جنيه، منها مليار جنيه تبرع من القوات المسلحة المصرية، ويقوم الصندوق الآن بتوفير التمويل اللازم لعدد من المشروعات القومية الخاصة بإقامة وتنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر وتنفيذها بالتعاون مع الصندوق الاجتماعى للتنمية، كما تم توقيع مذكرة تفاهم لتنفيذ (مشروع التاكسى)، حيث سيوفر صندوق تحيا مصر التمويل اللازم لعدد 1000 سيارة تاكسى وذلك بمحافظات الفيوم / أسيوط / المنوفية / مدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية» / دمياط / كفر الشيخ / قنا / الأقصر، على أن يتولى الصندوق الاجتماعى للتنمية تنفيذ المشروع من خلال مكاتبه الإقليمية بهذه المحافظات، كما أن الصندوق سيتولى علاج مليون مصرى من فيروس «سى».
هذه لمحة قصيرة عن الصندوق وبعض المشروعات التى يساهم بها، والتى تهم المواطن المصرى، فهى مشروعات موجودة على الأرض وليست كما كان يحدث فى الماضى حينما كانت تذهب أموال التبرعات فى جيوب وخزائن جماعات استخدمت أموال الشعب لضر الشعب نفسه.