القانون هو الفيصل فى التعامل مع المشاغبين
لا يصدق عاقل أن روابط الألتراس مجرد مجموعات من الشباب المهووسة بحب أنديتهم، وأن زعماء هذه الروابط أوقفوا حياتهم على التشجيع وجذب الأعضاء الجدد لروابطهم، يعنى لا شغلة ولا مشغلة فى الزمن الصعب الذى نعيشه، الزمن الذى يقدر كل شىء بالجنيه وأحيانا بالدولار واليورو، من يمنح هذه الروابط وزعماءها إجازات تفرغ مدفوعة الأجر السخى نظير دخلات فى أوقات معينة بما تتكلفه من مصاريف باهظة للبانرات والشماريخ، ومظاهرات واقتحامات للمنشآت العامة لا تجرمها الشرطة وهتافات مسيسة ومسيئة لا يمكن إلا أن تكون موجهة من عقل منتمٍ إلى تيار بعينه أو يدافع عن مصالح محددة أو يريد إثارة قضية، ومن يبرر عنف هذه الروابط تجاه الأفراد والمنشآت، بدءًا من السب والتهديد وحتى الاقتحام والترويع وإشعال الشماريخ التى يمكن أن تكون مقدمة لحرائق وكوارث لا تحد، فضلا عن التهديد الحتمى الذى تمثله للرياضة المصرية، فيكفى أن يظهر روابط الألتراس فى المباريات بشماريخهم وشغبهم حتى تنهال العقوبات الدولية على النادى أو المنتخب، وبدلاً من المنافسة على البطولات نعانى من العقوبات والغرامات.
إذا تصدى رؤساء الأندية لمثل هذه الروابط، يخرج علينا لاعبون يدعون المثالية ويطالبون أن تكون الكرة للجماهير، فهل الألتراس هم الجماهير؟ سؤال لابد أن نحسم إجابته، لأن الجماهير طول عمرها بتشجع كورة ولم يحدث من ورائها كوارث أو جرائم، أما المشاغبون ودعاة العنف والمجانين فقط فهم الذين تسببوا فى الكوارث للأندية والمنتخبات.
جزء كبير من استفحال خطر روابط الألتراس هو نفاق الرياضيين لها للفوز بشهرة أو للحماية من المسؤولين فى الأندية، والموضوع برمته مشبوه ويحتاج إلى تدخل حاسم على طريقة مرتضى منصور، العيال دى ما تدخلش الأندية بطريقتها العنيفة وبشماريخها ولافتاتها المسيئة، وعلى كل أب أو ولى أمر أن يربى ابنه ويعلمه الأدب أو يتحمل مسؤوليته، أما إذا حدث اقتحام أو عنف بعد ذلك فالمهمة منوطة بالشرطة وعليها التعامل المتدرج بالمياه والغاز وضبط المشاغبين وتحرير المحاضر تجاههم وإحالتهم للنيابة المختصة للنظر فى أمرهم، وبشكل عام لابد من طرح السؤال: هل نحن فى حاجة أصلاً لمثل هذه الروابط المتعصبة والعنيفة؟ السلطات الأوروبية ظلت سنوات تواجه مثل هذه الروابط بعد عدة كوارث وأحداث قتل جماعى فى ملاعب الكرة، حتى نجحت فى القضاء عليها ومنعها، فلماذا لا نحذو حذو الأوربيين ونجرم روابط الألتراس كلها، أيًّا كان انتماؤها أو لونها وشعاراتها، لأنها لا تأتى إلا بالخراب والتعصب والعنف؟ من يتصور أنه قادر على إدارة حوار مع أعضاء هذه الروابط مخطئ، فهؤلاء الصبية لا يأتمرون إلا بما يقوله كابوهاتهم، ولا يفكرون أصلا، شأنهم شأن الجماعات السرية يجدون أنفسهم فى الشعارات التى يرددونها حفظًا لا فهما، ويستجيبون لما يفعله الكابو حتى لو كان مخالفًا للقانون، فهم يسيرون وراءه عميانا، دون أن يسألوا عما إذا كان يسير هو نفسه وراء من يدفع ويوجه ويصيغ الشعارات السياسية الرنانة.
التجربة ستثبت عدم جدوى هذه الحوارات التى تضفى على روابط الألتراس قيمة وتحولها إلى كيانات شبه رسمية، كما تجعل من أسلوبها العنيف طريقة رائجة وسط الشباب والمراهقين، وإنا لمنتظرون.