تستحق دار الإفتاء الاحترام على دورها فى مواجهة الفكر المتطرف، وتحديدا الأفكار الداعشية التى لم تجد من يتصدى لها على المستوى الدينى سوى مرصد الفتاوى التكفيرية الذى بادرت الدار بإنشائه، ليكون منبرا للفكر الإسلامى المعتدل وسلاح المستنيرين فى مواجهة أهل الضلال الفكرى وهواة القتل والتفجير والتخريب. وعلى مدار الشهور الماضية قدم المرصد عددا ليس قليلا من التقارير التى فندت مزاعم كثيرة للتنظيم الأكثر دموية فى التاريخ، ومن يسيرون على نهجه التدميرى وفى مقدمتها تنظيم الإخوان الإرهابى.
وأعلم أن دار الإفتاء بقيادة العالم الوقور الدكتور شوقى علام ومستشاريه لا تتوقف عن تطوير أساليبها فى سبيل محاربة الفكر المتطرف، وتنوى أن يشهد عام 2016 نقلة كبيرة فى أداء هذه الرسالة السامية سواء بإطلاق تطبيقات للفتوى لأجهزة الهواتف الذكية كى تصل إلى أكبر عدد ممكن من الشباب، وإرسال قوافل إفتائية تجوب قارات العالم الخمس وتأسيس أول أكاديمية عالمية للتدريب على الفتوى وتأسيس مركز دراسات استراتيجى لقضايا التشدد والتطرف، إضافة إلى مضاعفة القوافل والجلسات الإفتائية على مستوى محافظات الجمهورية والجامعات المختلفة من أجل وضع حلول جذرية تحول دون انجرار الشباب إلى براثن التطرف والإرهاب.
لكن لكل شىء إذا ما تم نقصان، أو كما يقولون" الحلو مايكملش"، فالرسالة التى يريدها القائمون على هذا المرصد المهم تكاد لا تصل كما يتوقعون لأن لغتها وطريقة كتابتها المتخصصة والمطولة بعض الشىء ربما لا تناسب الوضع الحالى ولا الجيل الذى تخاطبه، والذى تعود على الرسائل السريعة واللغة المبسطة، بالتأكيد دار الإفتاء تبذل جهدا واضحا وتضع فى تقاريرها وردودها كل الأسانيد الشرعية من قرآن وسنة واجتهاد وإجماع، لكن هذا وإن كان مفيدا مع العلماء والمثقفين فهو لا يصل بالشكل المطلوب للفئة التى تلعب عليها وتستهدفها التنظيمات الإرهابية، والتى يغلب عليها قلة الثقافة والإدراك بل والجهل أحيانا..
وظنى أن دار الافتاء ورجالها من أفاضل العلماء، ليست مهمتهم تبسيط اللغة ويكفيهم ما يبذلونه من جهد فى تجميع المصادر والأدلة التى يردون بها ، ولذا يمكن أن تستعين الدار على أداء مهمتها النبيلة بمن لديهم خبرة فى تلخيص وترجمة ردود هؤلاء العلماء الى اللغة الشبابية المبسطة والأقرب للعامية التى يتعامل بها هذا الجيل ويفهمها جيدا دون إخلال بالمعنى، يمكن أن تستعين فى تبسيط فتاوى الرد على داعش بشباب يعرفون لغة الفيس بوك ويستطيعون الوصول إلى عقول جيلهم، ولديهم قدرة على التعامل مع ألاعيب شياطين وسائل التواصل، وستكون الفائدة أكبر. وبدلا من ثلاثة ملايين ونصف المليون المتابعين لصفحات الدار يمكن أن يتضاعف هذا العدد مرات والأهم أن الرسالة ستصل إلى الجميع باللغة التى يفهمونها.
وللمرة الثانية أؤكد أننى لا أطالب بالتنازل عن رصانة وهيبة دار الإفتاء ومشايخها وعلمائها الأجلاء، ولكن هدفى أن تصل الرسالة بالفعل، ولا نكون كمن يحرث على الماء.