كرم جبر

لا تغنوا لمبادرة الرئيس فتفسدوها.. ولا تطعنوها أيضا فتفسدوها!

الأربعاء، 03 فبراير 2016 08:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحت عبارة «احنا مش عارفين نتواصل مع شباب مصر»، التى قالها الرئيس عبد الفتاح السيسى، أضع عشرة خطوط، لأنه اعتراف جرىء من رئيس الدولة، ضد مدرسة«كله تمام يا فندم»، التى لا ترى فى الحياة إلا اللون البمبى، وتزين الشقوق وتعلق المشاكل فى رقبة «القلة المندسة»، ويستحضرون فى الندوات والمؤتمرات شبابا «هاى كلس» يرتدون البدل والكرفتات الأنيقة، ويتعطرون بالبرفانات التى ارتفعت رسومها الجمركية، ويتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة، مع شوية عربى مكسر، ويقدمون هؤلاء للرئيس على أنهم يمثلون كل شباب مصر، ويستبعدون العرقان والتعبان ولا يمتلك فى جيبه عدة جنيهات .
نعم هذه العينة من الشباب الأنيق مدعاة للفخر والإشادة، ولكنهم ليسوا كل شباب مصر، الذين أقر الرئيس بعدم القدرة على التواصل معهم، وعرض مبادرة صادمة وجريئة لفتح حوار مع الألتراس، بالعقل والهدوء وتبادل الرأى والمعلومات، بدلا من المولوتوف والشماريخ والقنابل المسيلة للدموع، وهو تواصل لا يرضى الصقور فى الطرفين، طرف المتشددين من أجهزة الدولة، الذين يرون أن عصا الأمن الغليظة هى الحل الأمثل مع هؤلاء، وطرف المحرضين من الألتراس، هواة الصدام وأصحاب الأفكار العنيفة.
اعتقادى أن الرئيس لا يقصد الألتراس فقط، ولكنه يعطى إشارة بدء للمسؤولين فى الدولة، كى ينتهجوا أسلوبا جديدا، ويحاولوا مرة ومرتين وعشرة احتواء الشباب الغاضب، بأسلوب «إن كبر ابنك خاويه»، وبشرط أن يكون تواصلا جديا وحقيقيا، وليس «زفة تواصل مع الشباب» لأن الرئيس عايز كده .. وآه يا خوفى لو تحولت دعوة الرئيس الصادقة، إلى مهرجان للنفاق والرياء والتزلف، فيبدأ الوزراء وكبار المسؤولين والرسميين يومهم بتحية التواصل، والسلام على المتواصلين.

المبادرة صعبة ونجاحها يحتاج عربون صداقة من الدولة والشباب، فعلى الدولة - مثلا - أن تعلن برنامجا عمليا وواقعيا ومدروسا، لتمكين الشباب، ليس على طريقة الـ 500 شاب فى برنامح تأهيل القيادات، ولكن باستعادة الأمل لـ30 مليون شاب لدخول سوق العمل، وضخهم فى مشروعات إنتاجية، بدلا من جلوسهم على المقاهى ليل نهار، وتركهم تحت رحمة الشيشة والترامادول.

من سنوات، كان الشباب العاطل هم الاحتياطى الاستراتيجى للإخوان، والآن يبحثون عن راع جديد بعد أن كفروا بالإخوان، وعن مثل أعلى يلتفون حوله، ويتحدون به عقول العواجيز التى تريد تقرير مصيرهم، فإذا كان 99% من شباب مصر يرفضون أسلوب «مالك وشادى»، لأنه مقزز ومقرف وفاضح، فإن غالبية الشباب يرفضون أيضا المساس بهما، ويتخوفون من انتقام الشرطة، إذا تم القبض عليهما، ويبررون ذلك بتسامح الدول المحترمة مع مثل هذه الصور الفاضحة للاحتجاج ، ثم اكتشفنا فجأة ظهور نجم جديد اسمه إسلام جاويش، صنعت الشرطة نجوميته، بالقبض عليه وتوجيه اتهام غير مسبوق فى تاريخ البلاد، هو إدارة موقع إلكترونى «دون ترخيص»، وهو ما يستوجب القبض على كل من له صفحة على فيس بوك!

مطلوب من الدولة - أيضا - تقديم عربون صداقة للشباب، لتوسيع قنوات التعبير السلمى عن الرأى، ولتبتكر العقول طرقا جديدة غير النزول العشوائى للشوارع، لأنه الخراب الذى لا بعده خراب، وأن يتعامل بعض أفراد الشرطة، التى نضع تضحياتها ودماء شهدائها فوق رؤوسنا، باحترام وآدمية وإنسانية مع الشباب، من غير إهانات ولا شتائم مثل «وحياة أمك» ولا تلفيق للتهم ، فمثل هذه الأمور تترك جروحا لا تندمل. أيها المعنيون بالأمر، لا تغنوا لمبادرة الرئيس فتفسدوها .. ولا تطعنوها بمكر .. أيضا فتفسدوها .. والسلام عليكم ورحمة الله.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة