لا يمكن السكوت على استمراره فى إهانة مؤسسات الدولة
ظاهرة لم يعد من الممكن السكوت عليها، وإلا تغولت واستقوت أكثر مما يحدث الآن، وجارت على سلطة الدولة كما جرى أول أمس الاثنين فى ملعب مختار التتش بالنادى الأهلى فى الذكرى الخامسة لضحايا «مجزرة بورسعيد». فقد اقتحم أعضاء رابطة الألتراس النادى والملعب واحتلوا مدرجاته وأرضيته، وبدأوا فى ترديد الشعارات والهتافات المسيئة للجيش والشرطة ولقيادات تاريخية بالقوات المسلحة، وهى نفس الشعارات المقيتة والكريهة والتى لا تليق برجال قادوا البلاد فى ظروف سياسية وأمنية واجتماعية غاية فى الصعوبة، وعبروا بها إلى بر الأمان بقدر طاقاتهم وخبرتهم السياسية وجنبوها مصير الهاوية التى سقطت فيه العراق وسوريا واليمن وليبيا بعد ثورة 25 يناير، وحالة الانفلات الأمنى التى سادت البلاد فى ذلك الوقت.
قوة الدولة وهيبتها غابت عن مقر النادى الأهلى، وتغاضت الدولة عن سلطتها وهيبتها لحسابات سياسية وأمنية مفهومة ومقدرة. لأن الحالة التى وقعت من جماهير الألتراس لا تكييف لها فى القانون أو تعريف لها إلا بأنها جريمة الاعتداء على منشأة من منشآت الدولة. والنادى الأهلى منشأة رياضية تابعة للدولة، ممثلة فى وزارة الشباب والرياضة وليست تابعة للنادى الأهلى. إذن فقد حدث اعتداء مباشر من مجموعة من المهووسين الخرقاء ممن يسمون أنفسهم بالألتراس الأهلاوى منشأة تابعة للدولة دون اعتبار أو احترام أو خوف من القانون وتداعيات ذلك.
للإنصاف لا يمكن أن نحمل إدارة الأهلى الحالية مسؤولية ما حدث، فأفراد الأمن لا يستطيعون مواجهة عدة آلاف من الشباب المتحمس والمتهور الذى عقد العزم على اقتحام النادى فى ظل وجود أسر وأطفال وسيدات، والدولة ممثلة فى وزارة الداخلية غضت الطرف عن عملية الاقتحام ولم تتصد لهم، فى تقدير سياسى وأمنى يحسب لها، فلو تمت المواجهة لحدثت مجزرة جديدة وسقط ضحايا جدد وسالت دماء بريئة على أسفلت الشوارع المحيطة بالنادى، ودخلنا فى تعقيدات أمنية وسياسية جديدة و«يزيط» هواة الزيطة والتسخين والتوليع ولطم الخدود وشق الجيوب و«القمع.. القمع.. والاضطهاد الاضطهاد».
مجلس محمود طاهر المعين ليس فى طاقته مواجهة الألتراس. والدولة هى المسؤولة عن مواجهة هؤلاء الذين اخترق صفوفهم جماعة الإخوان الإرهابية حتى لا تسمح بالمصالحة مع الدولة، وهو ما دعا إليه الرئيس السيسى فى مداخلته مع الإعلامى عمرو أديب. فكيف سيتم التعامل مع هؤلاء فيما هو قادم من الأيام والأحداث. فالشعارات المسيئة للمشير طنطاوى ستقف حائلا بين الألتراس وبين الشعب الذى ينظر للمشير نظرة إعجاب واعتزاز وتقدير لدوره فى ثورة يناير، والوقوف إلى جانب مطالب الشعب المشروعة ضد مبارك وحماية الشعب والدولة من أى محاولات للتشرذم والانقسام والفتنة والضياع فى الهاوية، ولم يخن العهد مع الشعب فى انحياز قواته المسلحة إليه مثلما يحدث فى دول أخرى.
محاولة إهانة المشير والإساءة له ستقف حائطا صلدا أمام محاولات المصالحة، فهى إهانة لرمز من رموز الدولة وأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة وبطل معركة «المزرعة الصينية». وهو الرجل الذى تحمل الكثير لإنقاذ مصر، ومع ذلك مازال صامتا لا يتحدث كثيرا ليكشف الحقائق المثيرة لأحداث كثيرة منذ تنحى مبارك وحتى انتخاب الرئيس الإخوانى محمد مرسى. لكن أيضا من حق الناس أن تعرف الحقيقة، والمشير طنطاوى بالتأكيد يعرف متى يتكلم ويكشف ويزيح النقاب عن حقيقة ما جرى ودار فى خلال السنوات الثلاث أو أقل قليلا من 25 يناير 2011 وحتى يونيو 2012، عندما تولى قيادة المجلس العسكرى لإدارة شؤون البلاد.
قضية الألتراس واستمراره فى إهانة مؤسسات الدولة قضية لا يمكن السكوت والتغاضى عنها أبدا، وإلا تحولت إلى جماعات منفلتة لا تقدر أو تقوى عليها الدولة بمؤسساتها وأجهزتها.