من الجيد أن نتنبه للأشياء التى تحدث حولنا، وأن نستفيد منها، فنفكر مثلًا فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وقدرته على كشف المعدن الطيب للتفكير المصرى، وأن نتحدث عن المبادرات الإيجابية التى تقوم بها بعض المؤسسات الخاصة، وبعض المؤسسات الحكومية فى الوقت نفسه، والتى تنعكس على المجتمع كله بشكل طيب، ومن ذلك المبادرة التى تقدم بها بعض دور النشر فى معرض الكتاب بتقديم جزء من إصدراتها لطلبة الجامعات المصرية فى يوم معين يكون مخصصًا لذلك فقط، وعلى الطالب أن يحمل معه كارنيه الجامعة.
والمعروف أن دور النشر التى تقوم بهذه المبادرات لا تخسر شيئًا، بل على العكس تقدم دعاية كبيرة لكتبها ومنشوراتها، لكننا فى الوقت نفسه يجب أن نعترف بأنها تقدم خدمة قرائية مهمة لا يمكن إنكارها، والشاب الذى يحصل على كتاب بالمجان الآن ويقرأه غدًا سيشترى كتبًا كثيرة ومتنوعة بعد أن أن نكون قدر غرسنا فيه حب القراءة، بما ينعكس فى النهاية على سوق النشر الذى يعانى من أزمات متعددة.
وحتى نكون منصفين، فإن مبادرة الاهتمام بشباب الجامعات، وتوفير الكتب بأسعار زهيدة ليس من ابتكار أو مقصورا على هذه الدور، فقد سبقتها فى ذلك وزارة الثقافة بقدر معقول، فالمركز القومى للترجمة يوفر طوال الوقت خصمًا 50% على مطبوعاته لشباب الجامعات والباحثين، كما أن الوزارة توفر منافذ لبيع كتب مؤسساتها داخل بعض الجامعات، لكن الأمر يحتاج أكثر، ويحتاج إلى نوع من الشراكة مع بعض دور النشر الخاصة التى تتقبل مثل هذه الأفكار التى ستنعكس بشكل إيجابى على الجميع.
ومن ناحية أخرى يمكن لوزارة الثقافة أن تعقد بروتوكول تعاون مع اتحاد الناشرين المصريين يتعلق بمساعدة الشباب فى القراءة، وكيفية إيجاد طبعة شبابية من الكتب، بدلًا من الطبعات الشعبية التى يتم تنفيذها بشكل غير احترافى قائم على التشويه، فمشروع قراءة للشباب بالاتفاق بين وزارة الثقافة واتحاد الناشرين، ومن الممكن كذلك أن تدخل وزارة الشباب طرفًا فى هذه العملية، سيغير كل شىء للأفضل، وحينها يمكن الحديث عن قارئ جديد متابع لأحدث الإصدارات بما يتناسب ودخله البسيط .
وفى النهاية نقول: لو فكرت دور النشر فى الشباب، وركزت أن يكون متوسط قرائها منهم، ودرست ظروفهم، خاصة الاقتصادية، وعرفت متوسط دخلهم، والمقدار المالى الذى يستطيع الواحد منهم أن يتخلى عنه لصالح شراء كتب فى كل شهر، ووضعت كل ذلك فى حساباتها قبل أن تقوم بعملية النشر، ثم قررت إصدار طبعة معينة تتعلق بشباب الجامعات، ويكون الكارنيه الجامعى بوابة الدخول لهذه الطبعة الشبابية، فإن هذه الدور ستتخلص من قدر كبير من مشكلاتها، أولها ألا يصبح هناك داع لشراء المطبوعات بعد تزويرها فى المكتبات الخلفية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة