إلى متى التراخى فى عقاب القتلة؟
شهداء كرداسة من ضباط وأفراد الشرطة يضعون دماءهم وحقوقهم فى رقابنا جميعا، حتى يسلم المجتمع.
أحد عشر ضابطا وفرد شرطة، كانوا موجودين داخل قسم شرطة كرداسة، قتلهم الإخوان فى مجزرة وحشية موثقة بالصوت والصورة على مواقع التواصل الاجتماعى، لمن نسى أو تناسى، أو يطالب باستعمال الرأفة مع القتلة، أو يسير فى ركاب الدعوة الغربية المشبوهة لإلغاء عقوبة الإعدام، ما دامت لا تمس مصالحهم.
أحد عشر ضابطا وفرد شرطة تعرضوا للقتل والتمثيل بجثثهم وإهانتهم أحياء وأمواتا على أيدى عصابات الإخوان الغاشمة الجهولة، ورأينا جميعا كيف اقتحموا قسم الشرطة، وأطلقوا الرصاص على الضباط الموجودين، ثم ألقوا عليهم المواد الحارقة، وضربتهم النساء بالأحذية والشباشب فى تصرف لا يصدر إلا عن مرضى متوحشين.
شاهدنا فى الفيديوهات المتداولة على يوتيوب كيف كان ينادى العقيد عامر عبدالمقصود، نائب مأمور القسم، على شربة ماء، وهو صائم فتسقيه القاتلة بنت القاتل أخت القاتل مادة حارقة بتشف وحشى، ثم يجهز القتلة عليه بدم بارد، وبعض منهم يصور لحظات القتل مع سبق الإصرار، وكأنها عمل وطنى يتم تسجيله للتاريخ، ثم ينشره على العالم ليبقى دليل إدانة وعلامة على وحشية جماعة الإخوان الإرهابية.
مرت ثلاث سنوات تقريبا على هذه المجزرة الوحشية، وما زال القتلة المرضى بالوحشية يتنفسون هواءنا، ويتناولون طعامنا ويخرجون ألسنتهم للمجتمع والدولة، ما زالوا يقتلون كل يوم الرغبة فى الحياة، وإمكانية الحياة لأسر الشهداء، ألم يقل الله عز وجل فى كتابه الحكيم: «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب»، فأين الحياة وأين القصاص والأيام والشهور تمر دون جديد. ابنة الشهيد لا تفهم كيف يضحك القاتل لحظة قتل أبيها، ويضحك عند القبض عليه، ويضحك بعد محاكمته، ويفوز بالأيام والشهور، بينما المجتمع صامت والمؤسسات غارقة فى البيروقراطية، وضائعة بين الإجراءات وألاعيب المحامين، فمن لابنة الشهيد، من يعيد إليها حقها المسلوب فى أبيها، إذا كنا عاجزين بالطبع عن أن نعيد إليها أباها من الموت؟
زوجة الشهيد، وقد اسودت الدنيا فى وجهها، لا تعرف بأى ذنب قتل الإرهابيون الوحشيون زوجها وحرموها من السند، لكنها تعرف أن الدولة ومؤسساتها مسؤولون عن عدم إهدار دمه فى التراب، ليس فقط حفاظا على حقها الشخصى وحق أولاها فى أن يحيوا مرفوعى الرأس، ولكن فى حق المجتمع ككل أن يحيا فى ظل القانون وليس فى ظل الغابة أو الميليشيات الإرهابية.
زملاء وتلاميذ الضباط الشهداء، كيف سيواصلون تأدية رسالتهم فى حماية أمن الوطن واستقراره وهم يشاهدون قتلة زملائهم يتلاعبون بالقانون والمجتمع، ليفوزوا بالحياة التى سلبوها من الشهداء، ويفرضوا قانونهم الوحشى؟
المجتمع كله يسأل ويبحث عن العدالة الناجزة، التى تحفظ الحقوق وتحمى القيم، وتضمن بقاء المجتمع متماسكا تحت راية سيادة القانون، لا يفكر فرد فيه فى القصاص لنفسه وأسرته بيده، ولا يعلو فيه روح الثأر والانتقام، بحثا عن شرف ضائع أو كرامة مهدرة.
القصاص إذن من قتلة شهداء كرداسة مبدأ حياة أو موت، استقرار أو فوضى، سلام أو تدمير منظم، لأن بقاء القتلة على قيد الحياة، بعد أن ارتكبوا مجزرتهم الوحشية وصوروها للتفاخر وإذلال أجهزة الدولة كلها ولنصرة الإرهاب والإرهابيين، لم يعد أمرا يخص أسر الشهداء الباحثين عما يشفى غليلهم بالقانون، وإنما أصبح اختبارا لمدى تمسك جميع أفراد المجتمع بالقانون العام فى الدولة، وأيهما أجدى وأشرف وأصلح، أن أتمسك بقانون يتم التلاعب به لقلب الحق باطل والباطل حق، وبعدالة بطيئة تضيع الحقوق وتهدر دماء الشهداء، أم أنطلق رافعا السلاح دفاعا عن أمنى وأمن أسرتى وعن العرض والشرف، فإن قتلت ساعتها بعد أن قتلت الإرهابيين المعتدين فأنا شهيد، وإن عشت بعدها فقد فزت بحقى فى الأمن الذى لم توفره الدولة لى وبحقى فى قهر من يسعون للاعتداء على وعلى أهلى
هل هذا ما تريده مؤسسات الدولة إذن؟ أن ينفلت الناس فرادى بأسلحتهم لنيل حقوقهم وللقصاص من القتلة الإرهابيين؟
الإجابة لدى دولة العدالة البطيئة المضيعة للحقوق.